فلما كان ذلك اليوم لم يأت بمنفعة حين جاء، ولم يبق خيرا حين مر سمى عقيما.
ويمكن أن يقال: إنما سمى عقيما لأنه لم يبق أحدا من القوم، كما أن العقيم لا يخلف نسلا، وسمى الريح، عقيما لأنها لم تأت بمطر ينتفع به ويبقى له أثر من نبات وغيره؛ كما أنّ العقيم من النساء لا تأتى بولد يرجى.
وفضل الاستعارة على الحقيقة فى هذا أنّ حال العقيم فى هذا أظهر قبحا من حال الريح التى لا تأتى بمطر؛ لأن العقيم كانت عند العرب أكره وأشنع من ريح لا تأتى بمطر؛ لأن العادة فى أكثر الرياح ألّا تأتى بمطر، وليست العادة فى النساء أن يكون أكثرهن عقيما.
، وهذا الوصف إنما هو على ما يتلوح «١» للعين لا على حقيقة المعنى؛ لأن الليل والنهار اسمان يقعان على هذا الجو عند إظلامه لغروب الشمس وإضاءته لطلوعها، وليسا على الحقيقة شيئين يسلخ أحدهما من الآخر، إلا أنهما فى رأى العين كأنهما ذلك، والسلخ يكون فى الشىء الملتحم بعضه ببعض، فلما كانت هوادى الصبح عند طلوعه كالملتحمة بأعجاز الليل أجرى عليها اسم السلخ؛ فكان أفصح من قوله: يخرج؛ لأن السلخ أدل على الالتحام المتوهّم فيهما من الإخراج.
وقوله تعالى: فَأَنْشَرْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً
؛ من قولهم: أنشر الله الموتى فنشروا، وحقيقته أظهرنا به النبات؛ إلا أن إحياء الميت أعجب، فعبر عن إظهار النبات به فصار أحسن من الحقيقة.
، يعنى الحرب، فنبّه على ما له تخاف الحرب؛ وهو شوكة السلاح وهى حدّه، فصار أحسن من الحقيقة لإنبائه عن نفس المحذور. ألا ترى أن قولك لصاحبك: لأوردنّك على حدّ السيف، أشدّ موقعا من قولك له: لأحاربنّك.