للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن عجيب هذا الباب قول بعض شعراء عبد القيس «١» :

ولما رأيت الدهر وعرا سبيله ... وأبدى لنا ظهرا أجبّ مسلّعا «٢»

وجبهة قرد كالشراك ضئيلة ... وصعّر خدّيه وأنفا مجدّعا «٣»

ومعرفة حصّاء غير مفاضة ... عليه ولونا ذا عثانين «٤» أنزعا

وما أعرف متى رأى هذا للدّهر جبهة كالشّراك مع هذا الذى عدده؛ فجاء بما يضحك الثكلى.

وقال الكميت:

ولما رأيت الدهر يقلب بطنه ... على ظهره فعل الممعّك «٥» فى الرّمل

كما ظعنت عنا قضاعة ظعنة ... هى الجدّ مأدوم النّحيزة بالهزل «٦»

ومن ذلك قول الأخطل:

إكسير هذا الخلق يلقى واحد ... منه على ألف فيكرم خيمه «٧»

وقول أبى تمام:

حتى اتّقته بكيمياء السّودد

فلا ترى شيئا أبعد من إكسير الخلق، وكيمياء السودد.

وقد أكثر أبو تمام من هذا الجنس اغترارا بما سبق منه فى كلام القدماء مما تقدّم ذكره، فأسرف، فنغى عليه ذلك، وعيب به؛ وتلك عاقبة الإسراف. فمن ذلك قوله «٨» :

يا دهر قوّم من أخدعيك فقد ... أضججت هذا الأنام من خرقك

وقوله «٩» :

كانوا رداء زمانهم فتصدّعوا ... فكأنما لبس الزّمان الصّوفا

<<  <   >  >>