وقد تنازع الناس فى هذا المعنى. أخبرنا أبو أحمد قال: أخبرنا أبو بكر بن دريد عن الرياشى، قال: قيل لأعرابى: كيف حالك؟ فقال: ما حال من يفنى ببقائه، ويسقم بسلامته، ويؤتى من مأمنه.
وأخبرنا أبو أحمد قال: حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا الغلابى، قال: حدثنا ابن عائشة، قال: قلت لأبى: حدّثنى حماد بن سلمة، عن حميد بن ثابت، عن أنس والحسن، أنّ النبى صلى الله عليه وسلم قال: كفى بالسّلامة داء. قال: يا بنى، ولا أراه إلا مسندا؛ فقد قال حميد بن ثور «١» :
أرى بصرى قد رابنى بعد صحّة ... وحسبك داء أن تصحّ وتسلما
وقال آخر:
كانت قناتى لا تلين لغامز ... فألانها الإصباح والإمساء
ودعوت ربّى بالسلامة جاهدا ... ليصحنى فإذا السلامة داء
وأوّل من نطق بهذا المعنى النّمر بن تولب فى الجاهلية «٢» :
يودّ الفتى طول السلامة والغنى ... وكيف يرى طول السلامة تفعل
يردّ الفتى بعد اعتدال وصحة ... ينوء إذا رام القيام ويحمل
وقال آخر «٣» :
ما حال من آفته بقاؤه ... نغّص عيشى كلّه فناؤه
وقال ابن الرومى «٤» :
لعمرك ما الدنيا بدار إقامة ... إذا زال عن نفس البصير غطاؤها
وكيف بقاء العيش فيها وإنما ... ينال بأسباب الفناء بقاؤها