فإنّ الداء أكثر ما تراه ... من الأشياء تحلو فى الحلوق
وقريب من ذلك قول محمد بن على رضى الله عنهما: مالك من عيشك إلّا لذة تزدلف بك إلى حمامك، وتقرّبك من يومك، فأية أكلة ليس معها غصص، وشربة ليس معها شرق؛ فتأمّل أمرك؛ فكأنك قد صرت الحبيب المفقود، أو الخيال المخترم. وقال أبو العتاهية:
أسرع فى نقص امرىء تمامه
ومن الأمثال: كلّ من أقام شخص، وكلّ من زاد نقص، ولو كان يميت الناس الداء لأحياهم الدواء. وقال آخر:
إذا تمّ أمر دنا نقصه ... توقّع زوالا إذا قيل تم
وقلت:
ما خير عيش صفوه يكدّره ... لا بدّ أن يشكوه من يشكره
والمرء ينسى والمنايا تذكره ... يميته بقاؤه فيقبره
وكسره منه الذى لا يجبره ... يطويه من مداه ما لا ينشره
فى كلّ مجرى نفس يكرّره ... يهدم من عمرك مالا تعمره
وقلت:
قد قرب الأمر بعد بعده ... وأسعف الإلف بعد صدّه
وبعد بؤس وضيق عيش ... صرت إلى خفضه ورغده
لكنّه ملبس معار ... لا بدّ من نزعه وردّه
وهل يسرّ الفتى بحظّ ... وجوده علّة لفقده
وقال الرومى: البلاغة حسن الاقتضاب عند البداهة، والغزارة عند الإطالة.
الاقتضاب: أخذ القليل من الكثير؛ وأصله من قولهم: اقتضبت الغصن