للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأعجب منه قوله أيضا «١» :

صدّت هريرة عنّا ما تكلّمنا ... جهلا بأمّ خليد حبل من تصل

أإن رأت رجلا أعشى أضرّ به ... ريب الزّمان ودهر خاتل خبل

وأىّ شىء أبغض عند النساء من العشا والضر يتبيّنّه فى الرجل؟ وأعجب ما فى هذا الكلام أنه قال: حبل من تصل هذه المرأة بعدى وأنا بهذه الصفة من العشا والفقر والشّيب؟ فلا ترى كلاما أحمق من هذا.

ومن اضطراب المعنى قول امرىء القيس «٢» :

أراهنّ لا يحببن من قلّ ماله ... ولا من رأين الشّيب فيه وقوّسا «٣»

وهن يبغضنه من قبل التقويس، فما معنى ذكر التقويس؟ فأما بغضهنّ لمن قوّس فجدير وليس ببديع.

ومن الجيّد فى هذا الباب قول بعض المتأخرين «٤» :

لقد أبغضت نفسى فى مشيبى ... فكيف تحبنى الخود «٥» الكعاب

وقلت «٦» :

فلا تعجبا أن يعبن المشيب ... فما عبن من ذاك إلّا معيبا

إذا كان شيبى بغيضا إلىّ ... فكيف يكون إليها حبيبا

ومن فساد المعنى قول النابغة «٧» :

تحيد عن أستن سود أسافله ... مشى الإماء الغوادى تحمل الحزما «٨»

وإنما تحمل الإماء حزم الحطب عند رواحهنّ؛ فأما غدوهنّ إلى الصحراء فإنهن مخفّات.

<<  <   >  >>