وبنيت عند مقام ربك قبّة ... خضراء كلّل تاجها بالفسفس «٢»
فسماؤها ذهب وأسفل أرضها ... ورق تلألأ فى صميم الحندس
فما فى هذه الأبيات شىء يتعلّق بالمدح الذى يختصّ بالنفس، وإنما ذكر سودد الآباء، وفيه فخر للأبناء، ولكن ليس العظامى كالعصامىّ، وربما كان سودد الوالد وفضيلته نقيصة للولد إذا تأخّر عن رتبة الوالد، ويكون ذكر الوالد الفاضل تقريعا للولد الناقص.
وقيل لبعضهم: لم لا تكون كأبيك؟ فقال: ليت أبى لم يكن ذا فضل؛ فإنّ فضله صار نقصا لى.
وقد قال الأوّل:
إنّما المجد ما بنى والد الصّد ... ق وأحيا فعاله المولود
وقال غيره فى خلافه:
لئن فخرت بآباء ذوى شرف ... لقد صدقت ولكن بئس ما ولدوا
وقال آخر:
عفّت مقابح أخلاق خصصت بها ... على محاسن أبقاها أبوك لكا
لئن تقدمت أبناء الكرام به ... لقد تأخّر آباء اللّئام بكا
ثم ذكر أيمن بناء قبة حسنة، وليس بناء القباب مما يدل على جود وكرم؛ بل يجوز أن يبنى اللئيم البخيل الأبنية النفيسة، ويتوسّع فى النفقة على الدور الحسنة