للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فثَقُلتْ عليهِ القراءةُ، فلما فرغَ، قالَ: لعَلكُمْ تَقرأونَ خَلفَ إمامكُمْ؟ قلنا: نَعمْ، هذا، قالَ: لا تَفْعلوا إلا بفاتحةِ الكتابِ، فإنّهُ لا صَلاةَ لمن لَمْ يَقْرأْ بها " (٤٨)، رواهُ البخاريُّ في كتابِ " القراءةِ خلفَ الإمام " مُحتَجّاً بهِ، وأَبو داود، والنَّسائيُّ، والترمِذِيُّ، والدارَقُطنيُّ، وقالا: حسَن، وفي لفظٍ لأبي داودَ: " لا تَقرؤوا شيئاً من القرآنِ إذا جَهَرتُ بالقراءةِ إلاّ بأُمِّ القرآنِ " (٤٩)، وهذا الحديثُ مَرْويٌّ من طرقٍ كثيرةٍ، وفيها اختلافٌ، فيه دلالةٌ على أنّ المأمومَ لا يقرأ السورةَ، وأمّا الفاتحةُ ففيها: قولانِ، وهو نصٌّ في الدلالةِ على الجديدِ منهما، وأمّا القولُ القديمُ: فَعن أبي موسى الأشْعَريِّ: " أنّ رسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَليهِ وَسَلّمَ خَطبنا فبيَّنَ لنا سُنَّتَنا وعلَّمنا صلاتَنا، فقالَ: أقيموا صفوفَكُم، ثُمّ لِيؤَمّكُم أحدُكُم، فإذا كَبَّر فكبِّروا، وإذا قرأ فأنْصِتوا " (٥٠)، رواهُ مُسلم، وعلّلهُ البخاريُّ، وأبو داود.

وعن أبي هُريرة، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: " إنّما جُعِلَ الإمامُ لِيُؤْتَمَّ بهِ، فإذا كبَّر فكبِّراو، وإذا قَرأ فأنْصِتوا " (٥١)، رواهُ أحمد، وأبو دواد والنَّسائيُّ، وابنُ ماجَةَ، وصحَّحهُ مُسلم، وقالَ أبو حاتمٍ: ليْستْ هذهِ الزيادةُ بمحفوظةٍ - يعني - " وإذا قرأ فأنصِتوا "، وهي من تخاليط محمد ابنِ عَجْلان، وقد تابَعَهُ خارِجَةُ بنُ مُصْعَبٍ، وليسَ بالقوِيِّ.

وعن جابرٍ عن النّبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: أنّهُ قالَ: " مَنْ كانَ لهُ إمامٌ فقراءتهُ لهُ قراءةٌ " (٥٢)، رواهُ أحمدُ، وابنُ ماجَةَ، والدارَقُطنيُّ، ولهُ طرقٌ فيها اضطرابٌ، والصحيحُ ما رواهُ مالكٌ في المُوَطَّأ عن وَهْبِ بنِ كَيْسان عن جابرٍ موقوفاً، وقد رفعَهُ يحيى بنُ سَلامٍ عن مالكٍ، وهو ضعيفٌ، بمرّةٍ لا يُعتمدُ عليهِ، وقالَ البخاريُّ: هذا الحديثُ لَمْ يَثبتْ عندَ أَهلِ العلمِ، أهلِ الحجارِ، والعراقِ لإرسالِهِ وانقطاعهِ.


(٤٨) رواه أبو داود (٨٢٣)، وأحمد (الفتح الرباني ٣/ ١٩٤)، والترمذي (٣١١)، والدارقطني (١/ ٣١٨).
(٤٩) رواه أبو داود (٨٢٤)، والنسائي (٢/ ١٤١).
(٥٠) رواه مسلم (١/ ٣٠٣).
(٥١) رواه أحمد (الفتح الرباني ٣/ ١٩٧)، وأبو داود (١/ ١٤٢)، والنسائي (٢/ ١٤١، ١٤٢)، وابن ماجة (٨٤٦).
(٥٢) رواه أحمد (٣/ ٣٣٩ المسند)، وابن ماجة (٨٥٠)، وعبد بن حميد (١٠٥٠)، والدارقطني (١/ ٣٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>