للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قالَ اللهُ تعالى: " والذينَ يَرمونَ أزْواجَهُمْ ولمْ يكُنْ لهُمْ شُهَداءُ إلا أنفُسُهُمْ فَشهادَةُ أحدِهمْ أربعُ شهاداتٍ باللهِ إنَّه لَمنَ الصَّادقين. والخامسةُ أن لعْنةَ اللهِ عليهِ إنْ كانَ مِنَ الكاذبينَ. ويَدْرَأُ عَنْها العَذابَ أنْ تَشْهدَ أرْبَعَ شَهاداتٍ باللهِ إنّهُ لمنَ الكاذبينَ. والخامسة أن غضبَ الله عَليْها إنْ كانَ من الصّادقينَ "، وهذه صفةُ اللعانِ التي نصّ القرآنُ عليها، وبيّنتْها السّنةُ كما أخرجاهُ في الصحيحين (٦).

عن عبدِ الله بن عمر، قالَ: " أوّلُ من سألَ عن ذلكَ فلانُ بنُ فُلانٍ، قالَ يا رسولَ اللهِ: أرأيتَ لو وجدَ أحدُنا امرأتَهُ على فاحشةٍ، كيفَ يصنعُ؟ إن تكلّمَ تَكلَّمَ بأمرٍ عظيمٍ، وإنْ سكتَ سكتَ على مثلِ ذلكَ، قالَ: فسكتَ النبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، فلمْ يُجبْهُ، فلما كانَ بعدَ ذَلكَ أتاهُ، فقالَ: إنّ الذي سألْتُكَ عنهُ قدْ ابتُليتُ بهِ، فأنزلَ اللهُ هؤلاءِ الآياتِ في سورةِ النّورِ: " والذينَ يَرمونَ أزواجَهُمْ "، فتلاهنَّ عليه، ووعظهُ وذكّرهُ، وأخبرَهُ أنّ عذابَ الدنيا أهونُ من عذابِ الآخرةِ، قالَ: لا، والذي بعثَكَ بالحقِّ، ما كذبتُ علَيْها، ثمَّ دعاها فوعظَها، وذكّرَها، وأخبرَها أنّ عذابَ الدّنيا أهونُ من عذابِ الآخرةِ، قالتْ: لا، والذي بعثَكَ بالحقِّ إنهُ لكاذبٌ، فبدأ بالرجلِ فشهدَ أربعَ شهاداتٍ باللهِ إنهُ لمنَ الصادقين، والخامسةَ أنّ لعنةَ اللهِ عليه إن كانَ من الكاذبين، ثمّ ثَنّى بالمرأةِ، فشهدتْ أربعَ شهاداتٍ بالله إنهُ لمنَ الكاذبين، والخامسةَ: أنّ غضبَ اللهِ عليها إنْ كانَ من الصادقينَ، ثمَّ فرّقَ بينهما، ثمَّ قالَ: لا سبيلَ لكَ عليها، قالَ: يا رسولَ اللهِ مالي، قالَ: لا مالَ لكَ، إنْ كنتَ صدقتَ عليها، فهو بما استحلَلْتَ من فَرْجِها، وإنْ كنتَ كذبتَ عليها، فهو أبعدُ لكَ منها " (٧)، أخرجاه.

وفيه عامةُ أحكامِ هذا البابِ.

وقولهُ: " وفرّقَ بينَهما "، هو تفريقٌ بالشرعِ، أي: أنهُ حُكْمٌ مستمرٌّ في حقِّ كلِّ مُتلاعنٍ، ويؤيّدُهُ ما رواهُ أبو داودَ عن سهْل بنِ سَعدٍ، قالَ: " فمضَتِ السّنةُ بعدُ في المتلاعنين أن يُفرَّقَ بينَهما، ثمّ لا يجتمعان أبداً " (٨).


(٦) البخاري (٢٠/ ٣٠١) ومسلم (٤/ ٢٠٧).
(٧) البخاري (٢٠/ ٢٩٩) ومسلم (٤/ ٢٠٦).
(٨) أبو داود (١/ ٥٢١)، والبيهقي (٧/ ٤١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>