للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هاربُها، ولا يُقْسم فَيْئُها " (١٩)، رواه الحفّاظ: أبو أحمد بن عَدي، والحاكمُ، والبيهقيُّ، وقالَ: كَوْثر: ضعيفٌ، وأنكرهُ ابنُ عَدِيٍّ من حديثِهِ، وقالَ الإمامُ أحمدُ: حدَّث بأحاديثَ بَواطيلَ، وضعَّفهُ غَيْرُهُ من الأئِمةِ.

أمّا كراهيةُ قتلِ الرّجلِ من أهلِ العدلِ مَحْرَماً لهُ، فسيأتي دليلُهُ في بابِ قتالِ المشركين.

عن أبي فاخِتةَ: " أنّ علياً أُتي بأسيرٍ يومَ صِفّين، فقالَ: لا تقتلني صَبْراً، فقالَ: لا أقتلُكَ صَبْراً، إني أخافُ اللهَ ربَّ العالمين، فخلّى سبيلَهُ، ثمّ قالَ: أفيكَ خيرٌ، أتبايعُ " (٢٠)، رواهُ الشافعيُّ عن ابنِ عُيَيْنةَ عن عمرو عن أبي فاخِتةَ، فذكرهُ، واسم أبي فاخِتةَ: سعيدُ بنُ علاقةَ.

قالَ الزُّهريُّ: " أدركتْ الفتنةُ الأُولى في أصحابِ رسولِ الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، وكانتْ فيها دماءٌ، وأموالٌ، فلمْ يُقتصَّ فيها من دمٍ ولا مالٍ، ولا فرجٍ أُصيبَ بوجهِ التأويلِ، إلا أنْ يوجَدَ مالُ رجلٍ بعينِهِ، فيُدفعَ إلى صاحبِهِ " (٢١)، رواهُ الشافعيُّ، وهو ثابتٌ عن الزُّهري. وهو عامٌّ في أهلِ العدْلِ، والبَغْي، إنّ واحداً مِن الفريقين لا يَضمنُ للآخرِ شيئاً ممّا أتلفَهُ ".

وقد رُويَ عن عليٍّ شيءٌ صريحٌ في ذلكَ، وهو الذي صحَّحه المصنّفُ من القولين، فيما إذا أتلفَ أهلُ البغي على أهلِ العدلِ، ويُحتجُّ للقولِ الآخرِ بعمومِ قولِه عليهِ السّلامُ: " إنّ دماءَكم وأموالكمْ وأعراضكُمْ عليكم حَرامٌ " (٢٢)، وبقصة ابن جناب لما قتلته (٢٣) الخوارجُ، فطالبَهم عليٌّ بدمِهِ، فقالوا: كيفَ نُقيدُكَ منهُ، وكلُّنا قَتلةٌ فقاتلهم عليٌّ كافّةً.

وقد رُوِّينا عن الصّدّيقِ: " أنهُ ضمَّنَ مانعي الزّكاةِ ما أصابوا من المسلمينَ، ممّا


(١٩) ابن عدي (٦/ ٢٠٩٦) والحاكم (٢/ ١٥٥) والبيهقي (٨/ ١٨٢)، وضعف كوثراً.
(٢٠) الشافعي (٤/ ٢٢٤)، والبيهقي (٢/ ١٨٢) من طريقه بمثله.
(٢١) الشافعي (٤/ ٢١٤)، والبيهقي (٨/ ١٧٥) بنحوه من وجهين عنه.
(٢٢) تقدم.
(٢٣) كذا بالأصل، وفيه نقص كما يظهر، والقصة مع عبد الله بن جناب حيث قتله وطالبهم عليّ رضي الله عنه بدمه، ثم قاتلهم كما في البيهقي (٨/ ١٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>