للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن سلَمةَ بنِ الأكْوعِ: " أنهُ قالَ: كنتُ تبيعاً لطلحةَ بنِ عُبَيْدِ الله، أسْقي فرسَهُ، وأحسه وآكلُ من طعامِهِ، وذكرَ حديثَ يومِ ذي قَرَدٍ بطولِهِ، إلى أنْ قالَ: فأعطاني رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ سَهْمين، سهمَ الفارسِ، وسهمَ الرّاجلِ، فجمعهما لي جَمْعاً " (١٧)، رواهُ مسلمٌ والبخاريُّ.

وهو دليلٌ على: أنهُ يُسْهمُ للأجيرِ المُحتَسبِ سَهْماً لهُ للأجرِ، فأمَّا إذا لمْ يكنْ مُحْتسباً، فعن يَعلى بنِ أميّةَ، قالَ: " أَذّنَ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بالغزوِ وأنا شيخٌ كبيرٌ ليسَ لي خادمٌ، فالتمستُ أجيراً يكفيني وأُجري لهُ سَهمَهُ، فوجدتُ رجلاً، فلما دنا الرّحيلُ أتاني، فقالَ: ما أدري ما السَّهمانِ، وما يبلغُ سَهْمي؟، فسمِّ لي شيئاً كانَ السّهمُ أو لمْ يكنْ، فسمَّيْتُ لهُ ثلاثةَ دنانيرَ، فلما حضرتُ غنيمتُهُ أردتُ أنْ أُجريَ لهُ سَهْمهُ، فذكرتُ الدّنانيرَ، فجئتُ النبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فذكرتُ لهُ أمرَهُ، فقالَ: ما أجدُ لهُ في غزوتِهِ، هذهِ في الدّنيا والآخرةِ إلا دنانيرَهُ التي سَمّى " (١٨)، رواهُ أبو داودَ.

وهكذا الكلامُ في تُجّارِ العسكرِ سواءٌ، لقولِهِ عليه السّلامُ: " إنّما الأعمالُ بالنّياتِ " (١٩).

وقد رَوى ابنُ ماجة عن خارجةَ بنِ زيدِ بنِ ثابتٍ، قالَ: " رأيتُ رجلاً يسألُ أبي عن الرّجلِ يَغزو فيشتري ويبيعُ ويتّجرُ في غزوهِ، قالَ أبي: " كنّا معَ رسولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ نشتري ونبيعُ، وهو يرانا ولا يَنهانا " (٢٠).

واسْتأنسُوا في الإسهامِ للتّجارِ ومَنْ جَرى مَجْراهمْ بما رواهُ البيهقيُّ وغيرُهُ بإسنادٍ


(١٧) مسلم (٥/ ١٩٤) وأصله في البخاري (٤/ ٨١ النواوي) ولم ينسبه في منتقى الأخبار إلا إلى مسلم وأحمد (٨/ ١٢١)، بالأصل قبل كلمة: " وآكل من طعامه " كلمة لم تتبين لي، قلت: هي: " وأحسه "، قلت: وأوله غير مستقيم، وحقه أن يقال: كنت تبيعاً لطلحة.
(١٨) أبو داود (٢/ ١٦).
(١٩) تقدم.
(٢٠) ابن ماجة (٢٨٢٣)، وفي الزوائد: إسناده ضعيف لضعف علي بن عمرو البارقي وسعيد بن داود.

<<  <  ج: ص:  >  >>