للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمّا دخولُهمْ بقيّةَ المساجدِ: فعن أبي موسى الأشْعريِّ: " أنَّ عمرَ رضيَ اللهُ عنهُ أمرَهُ أنْ يرفعَ إليهِ ما أخذَ، وما أعطى في أديمٍ واحدٍ، وكانَ لأبي موسى كاتبٌ نصرانيٌّ، فرفعَ إليهِ ذلكَ، فعجبَ عمرُ، وقالَ: إنّ هذا لحافظٌ، وقالَ: إنّ لنا كتاباً في المسجدِ، وكانَ جاءَ من الشامِ، فادْعهُ، فلْيقرأهُ، قالَ أبو موسى: إنهُ لا يستطيعُ أنْ يدخلَ المسجدَ، فقالَ عمرُ: أجنُبٌ هوَ؟، قالَ: لا، بلْ نَصرانيٌّ، قالَ: فانتهَرني وضربَ فخِذي، وقالَ: أخرجْهُ وقرأ: " يا أيُّها الذينَ آمَنوا لا تَتّخذوا اليَهودَ والنّصارَى أوْلياءَ بَعْضُهُمْ أوْلياءُ بَعْضٍ ومَنْ يَتولّهُمْ مِنْكُمْ إنَّ اللهَ لا يهْدِي القومَ الظَّالمينَ " (٣٥)، رواهُ البيهقيُّ.

وقدْ رَوى الشافعيُّ عن إبراهيمَ بنِ محمدٍ عن عُثمانَ (٣٦) بنِ أبي سُليمانَ: " أنّ مُشركي قريشٍ حينَ أتَوا المدينةَ في فداءِ أسْراهم، كانوا يبيتونَ في المسجدِ، منهم جُبَيْرُ ابنُ مُطْعمٍ، قالَ حينَ كنتُ أسمعُ قراءةَ النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ " (٣٧)، هذا: مُرْسَلٌ.

فيُؤخذُ منهُ: أنهمْ يدخلونَ بالإذْنِ، واللهُ أعلمُ.

عن العِرْباضِ بن ساريةَ رضيَ اللهُ عنهُ: " أنّ صاحبَ خيبرَ جاءَ إلى رسولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، فشَكَا إليهِ بعضَ ما يلقونَ، فأمرَ الناسَ فاجتمعوا، وخطبَهُمْ، فذكرَ الحديثَ، إلى أنْ قالَ: فقالَ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: وإن الله لمْ يُحلَّ لكمْ أنْ تدخُلوا بيوتَ أهلِ الكتابِ إلا بإذنٍ، ولا ضربَ نسائهِمْ، ولا أكلَ ثمارِهمْ إذا أعطوْكمْ الذي عليْهمْ " (٣٨)، رواهُ أبو دوادَ.

وهذا: مختصرٌ منهُ، وإسنادُهُ صالحٌ، وهو دليلٌ على: أنهُ يجبُ على الإمامِ أن يدفعَ عن الذمّةِ أذيّةً من جهةِ المسلمين.


(٣٥) البيهقي (٩/ ٢٠٤).
(٣٦) غير واضح بالأصل، ولعله: عثمان بن أبي سليمان بن جبير المذكور في الجرح والتعديل (٦/ ١٥٢)، ويؤيده أنه يروي الخبر عن جدّه جبير بن مطعم مرسلاً، والله أعلم، وهكذا في الأم.
(٣٧) الشافعي (١/ ٥٤) الأم.
(٣٨) أبو داود (٢/ ١٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>