للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ عمرُ بنُ الخطابِ رضيَ اللهُ عنهُ في وصيّتِهِ: " وأُوصي الخليفةَ بَعدي بذمّةِ اللهِ، وذمّةِ رسولِهِ، أن يُوفي لهمْ بعهدِهمْ، وأن يُقاتل مِن وَرائهم، ولا يُكلَّفوا إلا طاقتهم " (٣٩)، رواهُ البخاريُّ.

قال تعالى: " فَإنْ جَاؤوكَ فاحْكُمْ بينَهمْ أوْ أعْرضْ عَنْهُمْ وإنْ تُعْرِضْ عنْهُمْ فلنْ يَضُرّوكَ شيْئاً وإنْ حَكمْتَ فاحْكُمْ بيْنَهمْ بالقِسْطِ إنَّ اللهَ يُحبُّ المُقْسِطينَ "، إلى قوله: " وأَنِ احْكُمْ بَيْنهُمْ بِمَا أنْزلَ اللهُ. . "، الآية، وهذهِ الآيةُ نزلَتْ في قصّةِ الرّجلِ والمرأةِ اللذين زنَيا، من اليهودِ، وقدْ تقدّمَ حديثُها من روايةِ ابنِ عمرَ رضيَ الله عنهما.

عن أنس رضيَ اللهُ عنهُ، قالَ: " كانَ غلامٌ يهوديٌّ يخدمُ النبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، فمرضَ فأتاهُ النبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يعودُهُ، وقعدَ عندَ رأسِهِ، فقالَ لهُ: أسلمْ، فنظرَ إلى أبيهِ وهو عندَهُ، فقالَ: أطعْ أبا القاسمِ، فأسلمَ، فخرجَ النبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وهو يقولُ: " الحمدُ للهِ الذي أنقذَهُ من النّارِ " (٤٠)، رواهُ البخاريُّ، والغلامُ ما دونَ البلوغِ عندَ أهلِ اللغةِ، يدلُّ على صحّةِ إسلامِ الصبيّ، واللهُ أعلمُ.

ويُؤكّدُهُ ما روَياهُ في الصّحيحين عن ابنِ عمرَ: " أنّ رسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قالَ لابنِ صيّادٍ، وقد قاربَ الحُلُم، أتشهدُ أني رسولُ اللهِ. . الحديث " (٤١).

وقدْ أسلمَ عليٌّ رضيَ اللهُ عنهُ، وهو دونَ البلوغِ بلا خلافٍ.

عن سُوَيْدِ بنِ غَفَلةَ: " أنّ يهوديّاً جاءَ إلى عمرَ بنِ الخطابِ وهو بالشامِ يَسْتعدي على عَوْفِ بنِ مالكٍ الأشْجعيّ: أنهُ ضربَهُ وشجَّهُ، فسألَ عَوْفاً عن ذلكَ، فقالَ: يا أميرَ المُؤمنينَ، رأيتُهُ يسوقُ بامرأةٍ مسلمةٍ، فنخَسَ الحمارَ ليصرعَها فلمْ تُصرَعْ، ثمّ دفَعَها فخرّتْ عن الحمارِ فغشيها، ففعلتُ ما ترى (٤٢)، فذهبَ إليها عوفٌ فأخبرَها بما قالَ


(٣٩) البخاري (١٤/ ٢٩٧).
(٤٠) البخاري (٨/ ١٧٥).
(٤١) البخاري (١٤/ ٣٠١) ومسلم (٨/ ١٨٩).
(٤٢) هكذا بالأصل، وفيه اختصار عما في البيهقي (٩/ ٢٠١)، وتمامه: قال - يعني عمر -: أئتني بالمرأة لتصدقك ثم ذكر الحديث. .).

<<  <  ج: ص:  >  >>