للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقيلَ: إنهُ عامٌّ في الرّجالِ والنّساءِ، فتكون الآيةُ في سورةِ الممتحنةِ مُخصّصةً لهذا الحديثِ، حيثُ أخرجتْ ردّ النّساءِ منهُ، وهذا من غريب ما يقعُ، وقيلَ: بلْ كانَ المرادُ الرّجالَ، فقطْ، ويُؤيّدُهُ الرّوايةُ الأخرى للبخاريّ: " وعلى أنهُ لا يأتيكَ منّا رجلٌ، وإن كانَ على دينِكَ، إلا رَددْتَهُ علينا، وخلّيتَ بينَنا وبينَهُ " (٧)، وأبى سُهَيْلُ بنُ عمرو إلا ذلكَ، فقاضاهُ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، وردَّ أبا جَنْدل بنَ سُهَيْلٍ إلى أبيهِ سُهَيْلٍ، ولمْ يأتِ رسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أحدٌ من الرّجالِ إلا ردّهُ في تلكَ المدّةِ، وإنْ كانَ مُسلماً، وجاءتِ المسلماتُ مُهاجراتٍ، فكانت أمُّ كلثوم بنتُ عُقْبةَ بنِ أبي مُعَيْطٍ ممّنْ خرجَ إلى رسولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وهي عاتقٌ، فجاءَ أهلُها يسألون رسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أن يُرجعها إليهمْ، حتّى أنزلَ اللهُ في المؤمناتِ ما أنزلَ، قالَ تعالى: " وإمَّا تخافنَّ مِنْ قومٍ خيانةً فانْبذْ إليْهمْ على سَواء إنَّ اللهَ لا يُحبُّ الخَائنينَ ".

عن سُليْم بنِ عامرٍ، قالَ: " كانَ بينَ معاويةَ وقومٍ من الرّومِ عهدٌ، فجعلَ معاويةُ يسيرُ في أرضهمْ حتّى ينقضيَ فيغيرَ عليهمْ، وإذا رجلٌ على دابّةٍ أو برذونٍ، وهو يقولُ: اللهُ أكبرُ، وفاءٌ، لا غدرٌ، فإذا هو: عمرو بنُ عَبسةَ، فسألهُ مُعاويةُ عن ذلكَ، فقالَ: سمعتُ رسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يقولُ: " مَنْ كانَ بينَهُ وبين قومٍ عهدٌ، فلا يَحلّنَّ عُقْدةً ولا يَشدُّها حتّى ينقضيَ أمدُهُ، أو يَنبذَ إليهم على سَواءٍ، قالَ: فرجعَ معاويةُ بالناسِ " (٨)، رواهُ الإمامُ أحمدُ، وأبو داودَ، والنسائيُّ، والترمذيُّ، وقالَ: حسنٌ صحيحٌ.

عن عبدِ الرّحمنِ بنِ أبْزَى، وعبدِ الله بنِ أبي أوْفى، قالا: " كنّا نصيبُ المغانمَ معَ رسولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، وكانَ يأتينا أنباطٌ من أنباطِ الشامِ فُنسلِفُهمْ في الحنطةِ والشّعيرِ إلى أجلٍ مُسمّىً، قيلَ: أو كانَ لهم زرعٌ أو لمْ يكنْ؟، فقالا: ما كُنّا نسألُهمْ عن ذلكَ " (٩)، رواهُ البخاريُّ.


(٧) البخاري (٣/ ٢٥٦) نواوي.
(٨) أحمد (١٤/ ١١٧) وأبو داود (٢/ ٧٦) والترمذي (٣/ ٧١) والنسائي في السير في الكبرى كما في التحفة ٨/ ١٦٠.
(٩) البخاري (١٢/ ٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>