للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والغرضُ من إيرادِ هذا الحديثِ هاهُنا معَ أنهُ قد تقدّمَ في بابِ السَّلَمِ، أنهُ يجوزُ للإمامِ أنْ يأذنَ للحربيِّ في دخولِ دارِ الإسلامِ للتجارةِ ينتفعُ بها المسلمون، لأنّ الشامَ كانتْ أيامَ رسولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ دارَ حربٍ.

قالَ مالكٌ: عن ابنِ شهابٍ عن سالمٍ عن أبيهِ: " أنّ عمرَ بنَ الخطابِ كانَ يأخذُ من النبطِ من الحنطةِ والزّيتِ نصفَ العُشْرِ، يريدُ بذلكَ أن يكثر مأخذ الحمل إلى المدينةِ، ويأخذُ من القطنيةِ العُشر " (١٠).

عن نُعَيْمِ بنِ مسعودٍ الأشْجعيِّ رضيَ اللهُ عنهُ، قالَ: سمعتُ رسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، يقولُ: " حينَ قرأ كتابَ مُسَيْلمةَ الكذّابِ، قالَ للرسولين: ما تقولانِ أنتما؟، قالا: نقولُ كما قالَ، قالَ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: " لولا أنَّ الرّسلَ لا تُقْتلُ، لضربتُ أعناقكما " (١١)، رواهُ الإمامُ أحمدُ، وأبو دوادَ.

قلتُ: وهذان الرّجلان هما: حجرُ بن أثالٍ، وعبدُ اللهِ بنُ النّواحةِ الذي ضربَ عبد اللهِ بن مسعودٍ عنقهُ فيما بعدُ، كذا جاءَ مصرَّحاً باسمهما في مسندِ الإمامِ أحمد بنِ حَنْبلٍ، وهذا الحديثُ دليلٌ على أنهُ يجوزُ دخولُهم بإذنِ الإمامِ لإداءِ الرّسالةِ.


(١٠) مالك (١/ ٢٠٨)، والبيهقي (٩/ ٢١٠) من طريقه بمثله لكنه عند الاثنين دون كلمة (مأخذ) التي بعد كلمة " يكثر "، ولا أدري هي ثابتة أم زيادة وسهو من الناسخ.
(١١) أحمد (١٤/ ٦١) وأبو داود (٢/ ٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>