للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد تقدّمَ حديثُ الأعرابيّ حينَ شهدَ برؤيةِ الهلالِ، فقالَ لهُ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: أتشهدُ أن لا إله إلا اللهُ، قالَ: نعمْ، فأمرَ الناسَ أن يصوموا " (١٣)، فرجعَ في إسلامِهِ إلى قولِهِ.

عن خرشةَ بنِ الحرِّ، قالَ: " شهدَ رجلٌ عندَ عمرَ بنِ الخطابِ بشهادةٍ، فقالَ لهُ: لستُ أعرفُكَ، ولا يضرّكَ إلا أعرفَكَ، ايتِ بمنْ يَعرفُكَ، فقالَ رجلٌ من القومِ: أنا أعرفُهُ، فقالَ: بأيِّ شيءٍ تعرفُهُ؟، قالَ: بالعدالةِ والفضلِ، قالَ: فهو جارُكَ الأدنى الذي تعرفُ ليلَهُ ونَهارَهُ، ومَدْخلَهُ ومَخْرجهُ؟، قالَ: لا، قال: فعامَلكَ بالدينارِ والدّرهمِ اللّذين يُستدلُّ بهما على الوَرعِ؟، قال: لا، قالَ: فرفيقُكَ في السّفرِ الذي يُستدَلّ به عَلى مَكارمِ الأخلاقِ؟، قالَ: لا، قالَ: لستَ تعرفُهُ، ثمّ قالَ للرجلِ: ايتِ بمن يعرفُكَ " (١٤)، رواهُ أبو القاسمِ البَغويُّ بإسنادٍ حسنٍ.

عن بَهزِ بنِ حَكيم عن أبيهِ عن جدِّهِ، قالَ: " خطبهم رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، فقالَ: حتّى متى تدْعونهُ (١٥)، اذكروهُ بما فيهِ، يحذرْهُ الناسُ " (١٦)، رواهُ الطّبرانيُّ، وقالَ: تفرّدَ بهِ عبدُ الوهابِ بنُ همّامٍ أخو عبدِ الرزّاقِ عن مَعْمرٍ عن بَهْزٍ.

قلتُ: بلْ قد رُوي من حديثِ الجارودِ بن يَزيدَ عن بَهْزٍ.

عن أُمِّ سَلَمةَ: أنَّ رسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قالَ: " إنما أنا بشرٌ، وإنكُمْ تختصمونَ إليّ، ولعلَّ بعضَكم أن يكونَ ألحن بحجتهِ من بعضٍ، فأقضيَ لهُ بنحوِ ما أسمعُ، فمن قضيتُ لهُ من حقِّ أخيهِ شيئاً، فلا يأخذْهُ، فإنّما أقطعُ لهُ قطعةً من النّارِ " (١٧)، أخرجاهُ.

استدَلَّ بهِ على أنّ الحاكمَ لا يحكمُ بعلمِهِ، لأنهُ عليهِ السّلامُ كانَ يُمكنُ اطلاعُهُ


(١٣) تقدم.
(١٤) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٣/ ١٢٥) من طريق أبي القاسم البغوي.
(١٥) هكذا بالأصل، وعند البيهقي (١٠/ ٢١٠) بلفظ " أترعون عن ذكر الفاجر، اذكروه بما فيه. . . . . الحديث ".
(١٦) الطبراني (١٩/ ٤١٨) والبيهقي (١٠/ ٢١٠) من حديث الجارود بن يزيد عن بهز ومعه شاهد من حديث أنس بلفظ " من ألقى جلباب الحياء عنه، فلا غيبة له ".
(١٧) البخاري (٩/ ٨٦) ومسلم (٥/ ١٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>