للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أعيانِ القضايا مُفَصَّلاً، بلْ قد قالَ في حقِّ الملاعنةِ: لولا الأيمانُ لكان لي ولها شأنٌ، فظهرَ من ذلكَ أنهُ لا يحكمُ بعلمهِ مطلقاً، لا في الأموالِ، ولا في الحدودِ، وقد صحّحَ أبو زكريا النَّوويُّ: أنهُ يحكمُ بعلمهِ إلا في الحدودِ، واستدَلَّ لذلكَ بما رواهُ الإمامُ أحمدُ عن أبي بكرٍ الصدّيقِ: " أنهُ قالَ: " لو رأيتُ رجلاً على حدٍّ من حدودِ اللهِ تعالى ما أخذتُهُ، ولا دعوتُ لهُ أحدَاً، حتّى يكونَ معي غيري " (١٨)، وإسنادُهُ: صحيحٌ إليه.

تقدّمَ قولُهُ عليهِ السلامُ لهند بنتِ عُتبةَ امرأةِ أبي سفيانَ: خُذي من مالِهِ بالمعروفِ، ما يكفيكِ ويكفي بنيكِ " (١٩)، وهو في الصّحيحين.

وفيهِ من الفقهِ: الحكمُ بالعلم في الأموالِ، لأنهُ حكمَ لها بمجرَّدِ قولِها: أنهُ شحيحٌ، وفيهِ سماعُ الدّعوى على غائبٍ عن المجلسِ، ظاهرٍ بالبلدِ، لأنّ هذا كانَ على الصّفا بمكّةَ زمنَ الفتحِ، وأبو سفيانَ ظاهرٌ بمكةَ، وقيلَ: بلْ قد كانَ حاضراً يسمعُ كلامَها. واللهُ أعلمُ.

عن زيدِ بنِ ثابتٍ: أنّ رسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أمرَهُ فتعلمَ كتابَ اليهودِ، قالَ: حتّى كتبتُ للنبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كتبهُ، وأقرأتُهُ كُتُبهمْ إذا كتبوا إليهِ " (٢٠)، رواهُ البخاريُّ، قالَ: وقالَ أبو جَمرةَ: " كنتُ أُترجمُ بين ابنِ عباسٍ، وبين الناسِ ".

وقال عمرُ: " وعندَهُ علي، وعثمانُ، عبدُالرّحمن: ما تقولُ هذهِ؟، قال عبدُالرحمن بنُ حاطبٍ: تُخبركَ بالذي صُنِعَ بها ".

عن سعيدِ بنِ المُسيَّب: " أنّ عمرَ قالَ: " الدّيةُ للعاقلةِ، لا ترثُ المرأةُ من ديةِ زوجِها شيئاً، حتّى أخبرَهُ الضحَّاكُ بنُ سفيان (٢١)، كتبَ إليهِ: أنْ وَرِّثْ امرأةَ أشيمَ


(١٨) أحمد (المتن ١/ ٩٥).
(١٩) البخاري (٢١/ ٢١) ومسلم (٥/ ١٢٩).
(٢٠) البخاري (٩/ ٩٤).
(٢١) هكذا بالأصل وقد سقط منه شيء وحقه أن يكون: " حتى أخبره الضحاك بن سفيان: أن النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِوَسَلّمَ كتب إليه. . . الحديث " كما عند البيهقي (٨/ ١٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>