للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد رُويَ مُرْسلاً، ورجّحَ ذلكَ البخاريُّ، والبيهقيُّ، وغيرُهما.

قالَ الشافعيُّ: أخبرَنا ابنُ أبي يحيى عن إسحاقَ بن أبي فَرْوةَ عن عمرَ بنِ الحكمِ عن جابرِ بنِ عبد الله: " أنّ رجلين تَداعيا دابّةً، وأقامَ كلُّ واحدٍ منهما البيّنةَ أنها دابّتُهُ، نتَجها، فقضى بها رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ للذي هيَ في يديهِ " (٨)، ثمّ قالَ: وهذهِ روايةٌ صالحةٌ ليستْ بالقويّةِ، ولا السّاقطةِ، ولمْ نجدْ أحداً مِن أهلِ العلمِ يُخالفُ في القولِ بهذا، مع أنها قد رُويَتْ من غيرِ هذا الوجهِ، وإنْ لمْ تكنْ قويّةً.

قلتُ: ذكرَها البيهقيُّ من روايةِ محمدِ بنِ الحسنِ عن أبي حنيفة عن هَيْثَمٍ الصَّيْرفيِّ، عن الشَّعْبيِّ عن جابرِ بنِ عبدِ الله، وقَضى بذلكَ شُريْحٌ أيضاً، وهو ظاهرٌ في عدمِ التَّحليفِ، وهو الذي نصَّ عليه الشافعيُّ، وهو المذهبُ المنصوصُ، معَ أنهُ رُويَ عن عليّ: أنهُ كانَ يُحلِّفُ معَ البيِّنةِ، وقَضى بهِ شُرَيْحٌ أيضاً.

قالَ: وهم لا يقولون بذلك، معَ أنهم لا يروون عن أحدٍ من الصّحابةِ خلافهُ، واللهُ أعلمُ.

عن أبي موسى: " أنّ رجلين ادّعيا بعيراً، فبعثَ كلُّ واحدٍ منها شاهدين، فقسمَهُ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بينَهما نصْفينِ " (٩)، رواهُ أبو داودَ بإسنادٍ رجالُه كلهم: ثقاتٌ.

وقد قيلَ: إنهُ معْلولٌ، بأنهُ: مُرْسلٌ، واللهُ أعلمُ.

والغرضُ منهُ: أنهُ إذا تعارضتِ البيّناتُ، أنهما تُستعملان في القسمةِ، لا في الوقفِ، ولا في القُرعةِ، على أنّ الشيخَ أبا زكريّا صحّحَ القولَ بسقوطِها، واللهُ أعلمُ.

وقدّمَ الشافعيُّ ما رواهُ عن سعيدِ بنِ المسيَّبِ، قالَ: " اختصمَ رجلانِ إلى رسولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ في أمرٍ، فجاءَ كلُّ واحدٍ منهما بشهداءَ عُدولٍ على عِدَّةٍ واحدةٍ فأسهمَ رسولُ


(٨) الشافعي (٦/ ٢٣٧ الأم) والبيهقي (١٠/ ٢٥٦) من طريقه، هكذا، وكذا من طريق أبي حنيفة رحمه الله عن هيثم الصيرفي عن الشعبي عن جابر كذلك.
(٩) أبو داود (٢/ ٢٧٩)، والرواية عن عليّ في الحلف مع البينة عند البيهقي (١٠/ ٢٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>