للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولُ الشيخِ: والقوّالُ: - يعني به المغَنّي - وقد تقدّمَ في بابِ الإجارةِ الكلامُ على النّهي عن الغناءِ، وهكذا الرَّقَّاصُ لا تُقْبلُ شهادتهُ أيضاً، لما في فعلهِ من الدّناءةِ الدالّةِ على قلّةِ المروءةِ، لأنّ فعلهُ لا يَصدرُ عن تامِّ العقلِ، وفيهِ تشبّهٌ بالنساءِ من التّكسُّرِ والتخنُّثِ، وقد لعَنَ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ المتشبّهين من الرّجالِ بالنّساءِ، والمُتَشبِّهاتِ من النساءِ بالرّجالِ.

وأما المشعوذُ، فإنْ اشتملَ فعلُهُ على سحرٍ، فقد تقدّمَ في كتابِ الجناياتِ الكلامُ على السّحرةِ، وإلا فهو مخرقةٌ وسفاهةٌ، تدلُّ على نذالةِ مُتعاطيها.

وأمّا الأكلُ في الأسواقِ: فعن أبي أُمامةَ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: " الأكلُ في السّوقِ دناءَهٌ " (٨)، رواهُ الحافظُ أبو أحمدَ بنُ عدِيٍّ من حديثِ جعفرِ بنِ الزّبير - وهو متروكٌ -.

ورواهُ من حديثِ أبي هريرةَ أيضاً، ولا يصحُّ، لأنّ في إسنادِهِ سعيدُ بنُ لقمانَ، وقد قالَ الحافظُ أبو الفتحِ الأزديّ: لا يُحتجُّ بهِ، ولأنّ الأكلَ في الأسواقِ غالباً يستلزمُ شيئين محذورين؛ أحدُهما: الأكلُ قائماً كما هو المعتادُ من صنيعِ العوامِ، وقد رَوى مسلمٌ من حديثِ قتادةَ عن أنسٍ: " أنّ رسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ زجَرَ عن الشُّربِ قائماً، قالَ قتادةُ: فقلنا: فالأكلُ؟، قالَ: ذاكَ أشرُّ وأخبثُ " (٩).

ولهُ عن أبي سعيدٍ الخُدْريِّ، وأبي هريرةَ في (١٠) الزّجرِ عن الشربِ قائماً والآخرُ: تناولُ الشّهواتِ بحضرةِ مَن يُحبُّها ولا يصلُ إليها، وقد أُتيَ عليهِ السّلامُ بلبنٍ من البقيعِ مكشوفٍ، فقالَ للّذي جاءَ بهِ: ألا غَطَّيتَهُ، واللهُ أعلمُ. وأمّا الشطرنج فقد قالَ عبدُ اللهِ بنُ عمرَ: هو شر من النَّرْدِ. ونص على ذلكَ مالكٌ رحمهُ اللهُ تعالى.


(٨) ابن عدي في " الكامل " ٢/ ٥١٢ و ٥/ ٦٧٠ من حديث أبي أمامة، و ٦/ ٢١٥٠ من حديث أبي هريرة، وأخرجه الطبراني هكذا عن أبي أمامة وفيه: عمر بن موسى بن وجيه، وهو ضعيف (٥/ ٢٤) مجمع الزوائد، وأبو يعلى عن أبي هريرة وضعفه الأزدي من طريقيه (٣/ ٤٤٦) لسان الميزان.
(٩) مسلم (٦/ ١١٠).
(١٠) مسلم (٦/ ١١٠) (٦/ ١١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>