للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحب، وانفصمت عُرى الهوى، وتقطّعت أسباب العشق، وتكدّر صافي المودّة، والناس كما قال الشاعر:

قلّ الثقاتُ، فما أدري ثمن أثق، ... لم يبقَ في الناس إلا الزور والملَقُ

[الغدر طبع في النساء]

وإن الغدر في النساء طبع، والمطل منهن غريزة، وهو في النساء أكثر منه في الرجال، فقد أنشدني بعض الأدباء:

وكنا جعلنا الله شاهدَ بيننا، ... وفي الله بينَ المسلمين شهيدُ

فخِستِ بعهد الله لو تعلمينه، ... وفيكُنّ من ليست لهنّ عهودُ

واعلم أنهنّ لا عهود لهنّ، ولا وفاء لحبّهن، ولا دوام لودّهن، وأن أقبح ما رُوي من غدرهنّ ما حدثنيه ابن أبي خيثمة عن شيوخه: أن عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نُفيل كانت عند ابن أبي بكر الصدّيق، رضي الله عنه، فأحبها حباً شديداً شغلته عن تجارته، فأمره أبو بكر، فطلّقها، ثم اطّلع عليه وهو يقول:

فلم أر مثلي طلّق، اليوم، مثلها، ... ولا مثلها في غير جُرمٍ تُطلَّقُ

لها خُلُقٌ سهلٌ، وحُسنٌ، ومنصِبٌ، ... وخلاْقٌ، سَويٌّ ما يُعاب، ومنطق

أعاتكَ قلبي، كل يومٍ وليلةٍ، ... إليكِ ما تُخفي النفوس مُعلَّقُ

أعاتكَ لا أنساكِ ما حجّ راكبٌ، ... وما لاح نجمٌ في السماء محلِّقُ

فرقّ عليه أبو بكر وأمره فراجعها، فقال لما رجعت إليه:

أعاتكَ! قد طُلّقتِ من غير بغضةٍ، ... ورُوجِعتِ للأمر الذي هو كائنُ

كذلك أمرُ الله غادٍ ورائحٌ، ... على الناس، فيه أُلفةٌ وتبايُنُ

<<  <   >  >>