الجليس، ويمتنع به الأنيس، ويذل له العزيز، ويخضع له المتجبر، ويبرز له كل محتجب، وينقاد له كل ممتنع، وهو أمير مطاع، وقائد متبع، وليس بأديب عندهم من خرج من حدّ الهوى. وقد قال الأحوص بن محمد الأنصاري:
إذا أنت لم تعشق ولم تدر ما الهوى، ... فكن حجراً من يابس الصخر جلمدا
هل العيش إلا ما تلذ وتشتهي ... وإن لام فيه ذو الشنان، وفندا
[مجنون ليلى]
واجتاز رجل بمجنون بني عامر، وهو يخوض سور الحوض، فقال له: ما بك يا فتى؟ ولم يعرفه، فأنشأ يقول:
بي اليأس، أو داء الهيام أصابني، ... فإياك عني لا يكن بك ما بيا
قال أبو الطيب: الهيام داء يأخذ الإبل، وتشرب الماء ولا تروى. ويقال للإبل التي يُصيبها ذلك الهيم. قال الله جل ثناؤه: فشاربون شرب الهيم، فعرفه، فقال: أعاشق أنت؟ قال: نعم، وأنشأ يقول:
إذا أنت لم تعشق فتصبح هائماً، ... ولم تك معشوقاً، فأنت حمار
وقال:
الحب أول ما يكون لجاجة، ... تأتي به، وتسوقه الأقدار
[لا بأس بالعشق]
وروينا عن الهزنادي عن هشام عن ابن سيرين قال: كانوا لا يرون بالعشق بأساً في غير ريبة. وقيل لبعض البصريين: إن ابنك قد عشق، فقال: وما بأس به، إنه إذا عشق نظف وظرف ولطف. وقيل لبعض العرب: متى يكون الفتى بليغاً؟ قال: إذا وصف هوىً حياً.