للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحدثت عن الزبير بن بكار قال: رأيت رجلاً بناحية الثغر عليه أثر ذلة وخضوع، واستكانة وخشوع، كان يكثر التنفس، ويخفي السكوت، ويبدي الأنين، وحركات المحب لا تخفى في شمائله، ولا يسترها بتصاونه، فسألته في بعض أيامه، وقد خلوت به، عن حاله، فكان جوابه، وقد تحدرت الدموع من عينيه:

أنا في أمري رشاد، ... بين غزو وجهاد

بدني يغزو عدوي، ... والهوى يغزو فؤادي

[سكينة وابن أذينة]

وركبت سكينة ابنة الحسين بن علي ذات ليلة في جواريها، فمرت بعروة بن أذينة الليثي، وهو في فناء قصر ابن عيينة، فقالت لجواريها: من الشيخ؟ فقالوا: عروة. فعدلت إليه فقالت: يا أبا عامر! أنت تزعم أنك لم تعشق قط، وأنت تقول:

قالت وأبثثتها وجدي، فبحت به: ... قد كنت عندي تحب الستر، فاستتر

ألست تبصر من حولي؟ فقلت لها: ... غطى هواك وما ألقى على بصري

كل من ترى حولي من جواري أحرار إن كان خرج هذا الكلام من قلب سليم قط. فهذان قد كتما هواهما فنمت شواهد نجواهما، لأن من اغتمس في بحر الهوى نمت عليه شواهد الضنى؛ فأما أهل الدعاوى الباطلة الذين ليست أجسامهم بناحلة، ولا ألوانهم بحائلة، ولا عقولهم بذاهلة، فهم عند ذوي الفراسة يكذبون، وعند ذوي الظرف لصحتهم يوبخون.

[العباس بن الأحنف والجارية العاشقة]

وقد روي أن العباس بن الأحنف قال: بينا أنا بالطواف إذا بثلاث

<<  <   >  >>