إلا أنه ربما كان يشتد بي الأمر، فآخذ يدها، فأضعها على جبيني فأجد لذلك راحة.
[الأعرابي المتعفف]
وقال أعرابي، وخلا بامرأة كان يتعشقها: ما زال القمر يرينها، فلما غاب أرتينه، قيل: فما كان بينكما؟ قال: أقصى ما أحل الله وأدنى ما حرم الله عز وجل، إشارة في غير باس، ودنو في غير مساس، وأنشأ يقول:
ولرب لذة ليلة قد نلتها، ... وحرامها بحلالها مدفوع
[الأعرابي العاشق]
قال أعرابي من فزاراة: عشقت جارية من الحي، فحادثتها سنين كثيرة، والله ما حدثت نفسي بريبة قط، سوى أن خلوت بها، فرأيت بياض كفها في سواد الليل، فوضعت كفي على كفها، فقالت: مه! لا تفسد ما صلح. فارفض جبيني عرقاً، ولم أعد.
[تعريف الظرف]
واعلم أن الظرف ليس بمستغنى عنه، ولا هو مما يخل منه، ولا يعنف فيه صاحبه، ولا يفند عليه طالبه، بل هو أنبل ما استعمله العلماء وصبا إليه الأدباء وتزينوا به عند أودائهم، وتحلوا به عند أخلائهم، وربما تكلفه قوم ليس من أهله فظرف، وعاناه فلطف، وأنه من المطبوعين أحسن منه من المتكلفين، وللمتكلف علامات تظهر في حركاته وتبين في لحظاته، لا يسترها بتصنعه، ولا تتغيب بتستره، وإن المطبوع على الظرف ليشهد له القلب، عند معاينته، بحلاوته، وتسكن النفس عند لقائه إلى مجالسته، وتصبو إلى محادثته، وترتاح إلى مشاهدته، وهو بين في شمائله، ظاهر في خلائقه،