وما كَسَيٌ في الناس يُحمد رأيه، ... فيوجد إلا وهو في الحب أحمق
وما من فتىً ما ذاق بؤس معيشةٍ، ... من الدهر، إلا ذاقها حين يَعشقُ
[ما سئل عنه أهل الصدق]
من تمام خَلاّت العشق
قال الأصمعي لأبي وائل الإضاخي: ما تقول في العشق؟ فقال: إن لم يكن عُصارة من الشجر، فهو ضَرب من الجنون؛ وأنشأ يقول:
بقلبي شيءٌ لستُ أعرف وصفَه، ... على أنه، ما كان، فهو شديد
تمرّ به الأيام تسحب ذيلها، ... فتَبلى به الأيام، وهو جديد
لعَمَري إن بذلك ما وجب لهم الدعاء، فصار مفترضاً على الأدباء كالفرض اللازب، والحقّ الواجب، لجليل الخطب وفادح الأمر.
أخبرني أحمد بن عُبيد قال: أخبرني الأصمعي قال: رأيت أبا السائب المخزومي متعلقاً بأستار الكعبة، وهو يقول: اللهمّ ارحمِ العاشقين، واعطفْ عليهم قلوب المعشوقين بالرأفة والرحمة، يا أرحم الراحمين. فقلت: يا أبا السائب، أفي هذا المقام تقول هذا المقال؟ قال: إليك عني! الدعاء لهم أفضل من حجّةٍ بعمرةٍ. ثم أنشأ يقول:
يا هجر كُفّ عن الهوى، ودع الهوى ... للعاشقين يطيب، يا هجر
ماذا تريد من الذين جفونهم ... قَرحى، وحشو صدورهم جمر