للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الظريف استعماله، وذكر ما يجب عليه تركه، وما اخترعنا في كتابنا هذا علماً من عند أنفسنا، يجب لنا به الامتحان، ولا يلحقنا فيه عيب من عاب، إن عاب، ولا على أنه لا يطلب لفظه، ولا يمتنع عند معايبهم إلا معيب. وأنشدنا أحمد بن يحيى قال: أنشدني ابن السكيت:

رب غريب ناصح الجيب، ... وابن أب متهم الغيب

ورب عيّاب له منظر ... مشتمل منه على العيب

ولكنا ألفناه وجمعناه من أقاويل جماعة من الظرفاء والمتظرفات، وأهل الأدب والمروات، سمعناهم، ورأيناهم يتكلمون به، ويستعملونه، فأحببنا أن نجمع ذلك، ونجعله لهواً لمن أراد سماعه، وعلماً لمن أراد اتباعه، وهدياً لمن أراد رشده، ومناراً لمن أراد قصده، وطيباً لمن أراد شمّه، وأدباً لمن أراد فهمه. وكتابنا هذا روضة تتنزه فيها العقول، وعقود جوهر زينتها الفصول، إذ لم نخله من أخبار طريفة، وأشعار ظريفة، وأشياء نمت إلينا من زي ظرفاء الناس في الطعام، والشراب، والعطر، واللباس، ومذهبهم فيما اجتنبوه من ذميم الأفعال، واستحسنوه من جميل الشيم والأخلاق، وسأشرح ذلك وأبينه باباً باباً لتقف عليه، إن شاء الله.

[سنن الظرف]

اعلم أن عماد الظرف، عند الظرفاء وأهل المعرفة والأدباء، حفظ الجوار، والوفاء بالذمار، والأنفة من العار، وطلب السلامة من الأوزار، ولن يكون الظريف ظريفاً، حتى تجتمع فيه خصال أربع: الفصاحة، والبلاغة، والعفة، والنزاهة.

<<  <   >  >>