بسلامة المغنية، التي صارت إلى يزيد بن عبد الملك، فسمعها وهي تغني، فوقف يستمع غناءها، فأدخله مولاها عليها، فوقعت في قلبه، ووقع بقلبها، فقالت له يوماً، وقد خلا مجلسهما: أنا، والله، أحبك. فقال: وأنا، والله، أحبك. قالت: فأنا، والله، أشتهي أن أضع فمي على فمك وألصق صدري بصدرك وأضمك إليَّ وتضمني إليك. قال: وأنا، والله، أشتهي ذلك. قالت: فما يمنعك من ذلك؟ فوالله إن الموضع لخالٍ، وما بقربنا أحد. فقال: ويحك إني سمعت الله يقول: الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين فأنا أكره أن تكون خلتي لك في الدنيا منقطعة في الآخرة. ثم وثب، فانصرف.
[علي بن أبي طالب والمؤذن]
وكان لعلي بن أبي طالب، عليه السلام، جارية تدخل وتخرج، وكان له مؤذن شاب، فكان إذا نظر إليها قال لها: أنا، والله، أحبك، فلما طال ذلك عليها أتت علياً، عليه السلام، فأخبرته، فقال لها: إذا قال لك ذلك، فقولي: أنا، والله، أحبك، فمه. فأعاد عليها الفتى قوله، فقالت له: وأنا، والله، أحبك، فمه. فقال: تصبرين ونصبر، حتى يوفينا من يوفي الصابرين أجرهم بغير حساب. فأعلمت علياً، عليه السلام، فدعا به فزوجه منها، ودفعها إليه.
وأنشدني أبو عبد الله الواسطي لنفسه في هذا المعنى:
كم قد ظفرت بمن أهوى، فيمنعني ... منه الحياء، وخوف الله، والحذر
وكم خلوت بمن أهوى، فيقنعني ... منه الفكاهة، والتحديث، والنظر
أهوى الملاح، وأهوى أن أجالسهم، ... وليس لي في حرام منهم وطر
كذلك الحب لا إتيان معصية، ... لا خير في لذة من بعدها سقر