للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد قيل أيضاً: إن

قتيل الهوى لا قَوَدَ له، وإن دماء أهل الهوى تبطل وتُهدَر.

[قتيل الهوى]

ومن ذلك ما حُكي عن ابن عباس أنه أُتي بشابّ محمول قد صار كالشنّ البالي، فقيل له: استشفِ الله لهذا المريض، يا ابن عمّ رسول الله، فقال له ابن عباس: ما علّتك يا فتى؟ فلم يُحِرْ إليه جواباً، ثم رفع رأسه، وقال بلسان فصيح طليق:

به لوعةٌ تشتكي الصُّمُّ مثلها، ... تفطّرت الصُّمُّ الصِّلابُ وخرّتِ

ولو قسم الله الذي بي من الهوى، ... على كل نفس حظّها ما أبلّتِ

ثم خفت خفنةً ثم فتح عينيه، وهو يقول:

بنا من جوَى المبرِّح لوعةٌ، ... نكاد لها نفسُ الشفيق تذوب

ولكنما أبقى حُشاشةَ ما ترى ... على ما به عودٌ هناك صليبُ

فقال ابن عباس: ممن الرجل؟ فقال: من بتي عُذرة، ثم شهق شهقة فمات. فقال ابن عباس لجلسائه: هل رأيتم وجهاً أليق ولساناً أذلق من هذا؟ هذا والله قتيل الهوى لا قَودَ ولا دِيَة، وإلى الله أرغب في العافية مما نرى.

[دماء العشاق مهدورة]

وأنشد أحمد بن يحيى ثعلب:

إذا هنّ ساقَطن الحديث لذي الهوى ... سقوط حصى المَرجان من كفّ ناظمِ

رمَين، فأصمينَ القلوب، فنا ترى ... دماً سائلاً، إلا جوىً في الحَيازِم

فأي دمٍ، لو تعلمين، جَنَتيه ... على الحُرّ، جاني مثله غيرُ سالم

<<  <   >  >>