للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ما جاء في قبح خلف المواعيد]

وما يلحق صاحبّه من اللّوم والتفنيد

اعلم أن أقبح ما استعمله أهل الأدب مطل العدات. وقال المثنى ابن خارجة: لأن أموت عطشاً أحب إلي من أن أخلف موعداً. وروينا عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ثلاث علامات في المنافق، وإن صام وصلى، وزعم أنه مسلم: إذا حدث كذب، وإذا اؤتمن خان، وإذا وعد أخلف. وروي عنه أنه قال: عدة المؤمن أخذ بالكف. وقال بعض الأعراب: وعد الكريم تعجيل، ووعد اللئيم مطلٌ وتسويف. وكان يقال: اليأس إحدى الراحتين. وأنشدني يعقوب بن يزيد التمار:

متى ما أقل يوماً لطالب حاجة: ... نعم، يا فتى، أفعل، وذلك من شكلي

وإن قلت: لا، بينتها من مكانها، ... ولم أوذه فيها بجر، ولا مطل

وأنشدني آخر:

إذا قلت في شيء نعم فأتمه ... فإن نعم دين على الحر واجب

وإلا فقل: لا استراح وأرح بها ... لكي لا يقول الناس إنك كاذب

وأنشدني آخر:

لا تقولن، إذا ما لم ترد ... أن يتم الوعد في شيء نعم

وإذا قلت: نعم، فامض بها ... بنجاح الوعد إن الخلف ذم

وأنشدني إبراهيم بن محمد النحوي:

أنت الفتى كل الفتى، ... لو كنت تفعل ما تقول

لا خير في كذب الجوا ... د وحبذا صدق البخيل

<<  <   >  >>