من اللواتي يقلن: لنْ، ونعم، ... وها، وحتى، وقد، وسوف، ولا
والذي جاء في ذلك كثيرٌ يطول شرحه ويُعيي وصفه، وقد مضى من الفصل ما فيه لذوي العقل، وقد أفردنا كتاب القيان لذمّ عُظم القيان، فأغنى ما في ذلك الكتاب عن تكثير هذا الباب، فاعرفه إن شاء الله.
[بمن يحسن العشق]
واعلم أن الهوى، والحب، والبخل، والعشق، والغزل يحسن بأهل النعمة واليَسار، ويُزري بأهل الإملاق والإقتار، ولسنا نقول إنه محرَّمٌ على هؤلاء لإعسارهم، ولا محلل لأولئك ليسارهم، وليس بالغنى ما يُدخل أهل الجهالة في الوصف، ولا بالفقر ما يُخرج أهل الأجب من الظرف، وقد قال بعض الشعراء:
قد يُدرك الشرف الفتى، ورداؤه ... خَلَقٌ، وجَيبُ قميصه مرقوعُ
وليس أسباب الهوى مبيَّنة عن اليسار، والسعة، والغَناء، والبذل، والعطاء، والنفقات الغزيرة، والصلات الكثيرة، والهبات الهنيّة، والهدايا السرية، والمختلُّ المعدِمُ، والمقلّ المعسِر لا حيلة له في ذلك، فمن تعرّض للهوى، ومال إلى الصّبى، لم يحسن ذلك به لإفلاسه، وقلّة ذات يده وإقلاله، وما هلك امروٌّ عرف قدره، وأجهل الناس من عدا طوره، وقد قال بعض السخفاء بعيب بجهله على الظرفاء: ألم يُعلم أنه لا يكون لفقيرٍ، ولا يُرفع إليه طَرفٌ، ولا يقع عليه وصفٌ، والفقير مذمومٌ بكلّ لسانٍ، والغنيّ محبَّب إلى كل إنسانٍ، وأنشد قول عُروة بن الورد:
ذريني للغنى أسعى، فإني ... رأيتُ الناس شرُّهُمُ الفقيرُ