" بسم الله الرحمن الرحيم " لا إله إلا الله وحده لا شريك له. الحمد لله رب العالمين وسلامٌ على عباده الذين اصطفى، أما بعد: فإنه قد ذكرنا في الجزء الأول من هذا الكتاب أشياء من عيون فنون الأدب يرغب فيها ذوو الحِجى وينتهي إليها ذوو النُّهى، وقد مضى من الجدّ عدة أبوابٍ فيها مقنَعٌ لذوي الألباب، ولا بد من خلطها بشيء من الهَزل، إذا في ذلك ترويحٌ لقلوب ذوي العقل.
وآخر ما ذكرنا في الجزء الأول ذكر الوفيات من النساء، وأنا أُتبعه في هذا الجزء بباب ذكر ذوات الغدر من الإماء ثم أصله بما يتصل، وأفصله من حيث ينفصل، إن شاء الله وبه القوة.
[صفة ذم القيان ونفوذ حيلتهن في الفتيان]
اعلم أنه لم يُبتلَ أحدٌ من أهل المروءات والأدب، وأهل التظرُّف والأرَب، ولا امتُحن سَراة الفتيان ببليّة هي أعظم من هوى القيان، لأن حبهن جب كذوبٌ، وعشقهن عشق مشوب، وهواهنّ منسوبٌ إلى الملل، ليس بثابتٍ ولا متّصلٍ، وإنما هو لطمعٍ وعرَضٍ، وهنّ سريعات الغرض، يُستدلّ على ذلك بأفعالهن الردية، وأخلاقهن السيئة، وأنهن لن