وزعم من طلب القينة الجَدْوَ لمولاها من عشقها وكثرة مؤونتها عليه، وطلبها لِما لديه ومسألتها الهدايا، واللُّطَفَ، والبرّ، والتحف، إنما هو من رغبتها في هواه، وميلها إلى رضاه، ولأنها تؤثره على العالمين، وتشتهي قربه دون سائر المحبين، لأنه إذا وافى جدوها من عند عشيقها مع تتابع ألطافه، وكثرة برّه وإسلافه، رغب المولى في صفائه، وطمع في استصفائه، فأخْلاها معه الأيام الكثيرة، والليالي المتتابعة؛ فهذه جملةٌ من القيان لمن عشق، ورغبةٌ فيمن ومَقَ، وليس ذاك عندنا كذلك، وإنما هي حيلة ممن احتجّ لهنّ بالوفاء، وهم معروفاتٌ بالغدر والجفاء، ولو كان ذلك كما زعموا، لم تتغير له عند اختلاله ولا قلَتْه عند إقلاله، بل كان يكون منها عند ذلك الإسعاف على هواه، والمؤاساة في نفسها في الحياة، ولكن هو كما قال المؤمَّل بن أميل:
ومع ذلك، فلا نفاق للشيوخ عندهن، ولا لذوي القبح والعُدْم مطمع لديهن، على أنهن يحتملن القبح والشيب مع اليَسار، ويكرهنهما مع الفقر والإقتار، فإذا اجتمع القبح والشيب مع الإفلاس في أي إنسان كان من الناس، فليس عندهن مطلب، ولا لديهن سببٌ، ولذلك قال العَطَوي: