للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا قلتُ لها: جُودي لمن ... قد براه الحب، قالت لي: أجلْ

أنت صرّافٌ، فآتيك له، ... أم بكفّيك نقودٌ تُحتملْ

قلت: ما تهوين إلا موسِراً، ... ذا هِباتٍ وعطاءٍ وحُلَلْ

فأجابتني بصوت مسمَعٍ: ... كُفّ عنا! أنت، والله، مُقِلّ

أيها الناس! ألا أخبركم؟ ... ليس للحب مع الفقر عملْ

ولقد أحسن أبو الشيص حيث يقول:

حسَرَ المَشيبُ قِناعه عن رأسه ... فرمينه بالصدّ والإعراضِ

ثِنتانِ لا تصبو النساء إليهما: ... حَلْيُ المشيب وحُلّةُ الإنفاضِ

فوعودهنّ، إذا وعدنك، باطلٌ، ... وبُروقهنّ كَواذِبُ الإيماضِ

وروى عمر بن شبة عن موسى بن إسماعيل المِنقري قال: كان المُخَبَّل السعدي يعشق امرأةٌ من قومه، فأتلف عليها كلّ ما يملكه، حتى صار يبيع البَعر، فأتاها يوماً، فزبرته وطردته، فانصرف وأنشأ يقول:

إذا قلّ مالُ المرء قلّ صديقه، ... وأومَت إليه بالعيوب الأصابعُ

وقال الأصمعي: عشق رجلٌ امرأة، وأظهرت له مثل ذلك، فبعثت إليه يوماً تستهديه مالاً، فتعذّر عليه، ووجّه بنصف ما طلبت، فغضبت وهجرته، فكتب إليه:

يا أيها الغضبان أن سامني ... ما مثله ثِقلٌ على الموسِرِ

فجّدتُ بالنصف له كاملاً، ... فقال ليس الحب للمقتِرِ

<<  <   >  >>