بن أبي بكر وبيده سواكٌ، فنظر إليه النبي، صلى الله عليه وسلم، فقلتُ: قد اشتهى السواك، فأخذتُ سِواكه فمضغته ثم أعطيته، فاستاك، عليه السلام، فلم يشغل النبي، صلى الله عليه وسلم، نزول الموت عن طلب السواك، إذ هو أظرف ما استُعمل، وأنبل ما استُحسن، لأنه يُبيّض الأسنان، ويُصفّي الأذهان، ويُطيّب النكهة، ويطفئ المِرّة، ويُنشّف البلغم، ويَشُدّ اللثّة، ويُقوّي العُمور، ويجلو البصر، ويُحدّ النظر، ويفتح السُّدَدَ، ويُشهّي الطعام.
وقد استعملوا أمر المَساويك الأراك وقصب السكّر، وأصول السوس، وعود المَحلَب، وعُروق الإذخِرِ، وعُقَد العاقِرْقَرحا، وكلما أغربوا في اتخاذ ذلك كان أكمل لظَرفهم، وأبلغ في معاني وصفهم.
وللمَساويك أوقاتٌ معلوماتٌ، ومواضع محدوداتٌ، لا تُستعمل في غير أوقاتها، ولا يُتجاوز بها عن ساعاتها، فجائزٌ استعمالها بالغَدَوات والعَشيّات، وأوقات الظهيرات، وقبل الغَداة، وبعد الصلاة، وعلى الريق، وعند النوم، وفي نهار الصوم.
ولا يجوز السواك عندهم في موطن شتّى، منها: الخَلاء، والحمّام، وقارعة الطريق، ومَحفِل الناس؛ ولا يَستاك أحدهم وهو قائمٌ، ولا متّكئٌ، ولا نائمٌ، ولا حيث يراه أحدٌ، ولا يَستاك ويتكلّم.
والسواك في الخَلاء والحَمّام من فِعل السِّفلة والعوامّ، وهو أيضاً يُرخي اللثّة، ويُغيّر النكهة، وليس ذلك عندهم من فِعل الأدباء، ولا من فعل ذوي المُروّة والظرفاء. وقد اتخذ أهل الظرف للمساويك طُسوتاً لِطافاً، وأباريق الشَّبَه