فإذا وجدت أخا الأمانة والتقى ... فيه اليدين قرير عين فاشدد
كم من صديق في الرخاء مساعد ... وإذا أردت حقيقة لم توجد
ومثل ذلك قول الآخر:
آخ من آخيت عن خبرته، ... لا يغرنك من الناس الطُّرر
لا ولا الأجسام ما لم تبلهم، ... إنما الناس كأمثال الشجر
منه ما ليست له منظرة، ... وهو صلب عوده حلو الثمر
وترى منه أنيقاً نبته، ... طعمه مرٌّ، وفي العود خَوَر
وقال آخر:
من حمد الناس، ولم يبلهم، ... ثم بلاهم ذم من يحمد
وصار بالوحدة مستأنساً، ... يوحشه الأقرب والأبعد
وروي أن رجلاً من عبد القيس قال لابنه: أي بني، لا تواخ أحداً حتى تعرف موارد أموره ومصادرها، فإذا استبطنت الخبر، ورضيت منه العشرة، فآخه على إقالة العثرة، والمؤاساة عند العُسرة.
وأنشدني محمد بن يزيد المبرّد:
وكنت، إذا الصديق أراد غيظي ... على حنق، وأشرقني بريقي
غفرت ذنوبه، وكظمت غيظي، ... مخافة أن أكون بلا صديق
وأنشدني لبشار بن برد العقيلي:
أخوك الذي لا ينقض، الدهر، عهده، ... ولا عند صرف الدهر يزور جانبه
فخذ من أخيك العفو، واغفر ذنوبه ... ولا تك في كل الأمور تجانبه
إذا كنت في كل الأمور معاتباً ... صديقك، لم تلق الذي لا تعاتبه