ومن ذلك ما روي أن العتابي دخل على يحيى بن خالد البرمكي، وكانت له جارية، يقال لها خلوب، تجالس الأدباء، وتناقض الشعراء، فقال لها: سليه لإبطائه عنا جائزة، فقالت له: قل له هذه القافية:
إذا شئت أن تقلى، فزر متواتراً، ... وإن شئت أن تزداد حباً، فزر غبا
فأنشأ يقول:
بقيت بلا قلب لأني هائم، ... فهل من معير، يا خلوب، بكم قلبا
حلفت لها بالله أنك منيتي، ... فكوني لعيني حيث ما نظرت نصبا
عسى الله يوماً أن يرينيك خالياً، ... فأجني بلحظي من محاسنكم عجبا
يقولون لا تكثر زيارة صاحب، ... فإنك إن أكثرته كره القربا
وكيف يطيق الصبّ سلوان حبه، ... إذا كان مشغوفاً قد استشعر الكربا
وقد قال بيتاً، ما سمعت بمثله، ... خليٌّ من الأحزان لم يذق الحبا
إذا شئت أن تقلى، فزر متواتراً؛ ... وإن شئت أن تزداد حباً فزر غبا