للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلا التَّسْلِيمَ , {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وسلاما على إبراهيم} .

عَبْدٌ بَذَلَ نَفْسَهُ لَنَا فَبَلَّغْنَاهُ مِنَّا الْمُنَى , وَعَرَّفْنَاهُ الْمَنَاسِكَ عِنْدَ الْبَيْتِ وَمِنًى , وَلَمَّا رُمِيَ

فِي النَّارِ لأَجْلِنَا قُلْنَا لَهُ بِلِسَانِ التَّفْهِيمِ: {كوني بردا وسلاما على إبراهيم} .

قَدَّمَ مَالَهُ إِلَى الضَّيْفَانِ , وَسَلَّمَ وَلَدَهُ إِلَى الْقُرْبَانِ , وَاسْتَسْلَمَ لِلرَّمْيِ فِي النِّيرَانِ , فَلَمَّا رَأَيْنَا مُحِبَّنَا فِي بَيْدَاءِ الْوَجْدِ يَهِيمُ {قُلْنَا يَا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم} .

ابْتَلَيْنَاهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ , وَأَرَيْنَاهُ قُدْرَتَنَا يَوْمَ " فَصُرْهُنَّ " وَكَسَرَ الأَصْنَامَ غَيْرَةً لَنَا مِنْهُنَّ , فَلَمَّا أُجِّجَتِ النِّيرَانُ ذَهَبَتْ بِلُطْفِنَا حَرَارَتُهُنَّ , وَغَرَسْنَا شَجَرَ الْجَنَّةِ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بردا وسلاما على إبراهيم} .

بَنَوْا لَهُ بُنْيَانًا إِلَى سَفْحِ جَبَلٍ , وَاحْتَطَبَ مِنْ أَجْلِهِ مَنْ شَرِبَ وَأَكَلَ , وَأَلْقَوْهُ فِيهَا وقالوا قد اشتعل , فخرج نمرود ينظر ماذاا فَعَلَ , وَقَدْ خَرَجَ تَوْقِيعُ الْقِدَمِ مِنَ الْقَدِيمِ: {يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} .

اعْتَرَضَهُ وَتَعَرَّضَ لِحَوَائِجِهِ الْمَلِكُ , حِينَ قَطَعَ بَيْدَاءَ الْهَوَى وَسَلَكَ , فَقَالَ لَهُ بِلِسَانِ الْحَالِ: مَعِي مَنْ مَلَكَ , إِيَّاكَ وَالتَّعْرِيضَ بِمَا لَيْسَ لَكَ , فَلَمَّا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِخَلْقٍ دُونِي إِذْ أُضِيمَ {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إبراهيم} .

تَعَرَّضَتْ لَهُ الأَمْلاكُ فَكَفَّهَا كَفًّا فَلَمَّا رَأَيْنَاهُ لا يَمُدُّ إِلَى غَيْرِنَا كَفًّا , مَدَحْنَاهُ وَيَكْفِي في مدحناه [له:] " الذي وفى " واجتمع الخلائق صفاً ينظرون من من صفا , فَلَمَّا أَتَانَا فِي وَقْتِ الْقَلْبِ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ: {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إبراهيم} .

تنح يا جبريل فماذا موضع زحمة , وخلني وخليلي فإليه رحمة , وَهَلْ بَذَلْتُ لَهُ إِلا لَحْمَةً تُبْلَى أَوْ شَحْمَةً , فَلَمَّا وَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَى أَنْ يَصِيرَ فَحْمَةً , وَحُوشِيَ مِنْ ذَاكَ الْكَرِيمُ {قُلْنَا يَا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم} .

كَانَتِ الْمَلائِكَةُ تَدَّعِي الْفَنَاءَ بِالطَّاعَةِ , فَخَرَجَ هَارُوتُ وماروت فخسرت

<<  <  ج: ص:  >  >>