للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَاءَتِ امْرَأَةٌ فِي لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ إِلَى رَاهِبٍ وَقَصَدَتْ أَنْ تَفْتِنَهُ , فَقَالَتْ: هَذَا الْمَطَرُ وَلا مَأْوَى لِي فَأْوِنِي. فَفَتَحَ لَهَا الْبَابَ فَدَخَلَتْ واضطجعت وَجَعَلَتْ تُرِيهِ مَحَاسِنَهَا , فَدَعَتْهُ نَفْسُهُ إِلَيْهَا فَقَالَ لِنَفْسِهِ: لا حَتَّى أَنْظُرَ صَبْرَكِ عَلَى النَّارِ. فَأَتَى الْمِصْبَاحَ فَوَضَعَ إِصْبَعَهُ فِيهِ حَتَّى احْتَرَقَتْ , ثُمَّ عَادَ إِلَى صَلاتِهِ فَعَاوَدَتْهُ نَفْسُهُ فَأَتَى الْمِصْبَاحَ فَوَضَعَ إِصْبَعَهُ فِيهِ فَاحْتَرَقَتْ , ثُمَّ أَتَى صَلاتَهُ فَعَاوَدَتْهُ نَفْسُهُ فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى احْتَرَقَتِ الأَصَابِعُ الْخَمْسُ. فَلَمَّا رَأَتِ الْمَرْأَةُ فِعْلَهُ بِنَفْسِهِ ذَلِكَ صُعِقَتْ فَمَاتَتْ.

وَكَانَ الأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ يُقَدِّمُ إِصْبَعَهُ إِلَى الْمِصْبَاحِ فَإِذَا وَجَدَ حَرَارَةَ النَّارِ قَالَ لِنَفْسِهِ: مَا حَمَلَكِ عَلَى مَا صَنَعْتِ يَوْمَ كَذَا.

قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: دَخَلْتُ عَلَى عَابِدٍ وَقَدْ أَوْقَدَ نَارًا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ يُعَاتِبُ نَفْسَهُ وَيَنْظُرُ إِلَى النَّارِ فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى خَرَّ مَيِّتًا.

دَخَلَ ابْنُ وَهْبٍ إِلَى الْحَمَّامِ فَسَمِعَ قَارِئًا يَقْرَأُ: {وإذ يتحاجون في النار} فَسَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ فَحُمِلَ.

سَجْعٌ

يَا مَنْ أَرْكَانُ إِخْلاصِهِ وَاهِيَةٌ , أَمَا لَكَ مِنْ عَقْلِكَ نَاهِيَةٌ , إِلَى مَتَى نَفْسُكَ سَاهِيَةٌ , مُعْجَبَةٌ بِالدُّنْيَا زَاهِيَةٌ , مُفَاخِرَةٌ لِلإِخْوَانِ مُضَاهِيَةٌ النَّارُ بَيْنَ يَدَيْكَ وتكفي داهية {وما أدراك ما هي نار حامية} .

تَقُومُ مِنْ قَبْرِكَ ضَعِيفَ الْجَاشِ , وَقَدْ جَأَرَ قَلْبُكَ فِي بَدَنِكَ وَجَاشَ , وَوَابِلُ الدَّمْعِ يَسْبِقُ الرَّشَاشَ , أَتَدْرِي مَا يُلاقِي الْعُطَّاشُ الظَّامِئَةُ {نَارٌ حامية} .

أَيْنَ مَنْ عَتَى وَتَجَبَّرَ , أَيْنَ مَنْ عَلا وَتَكَبَّرَ , أَيْنَ مَنْ لِلدُّوَلِ بِالظُّلْمِ دَبَّرَ , مَاذَا أعد للحضرة السامية , نار [حامية] .

لو رأيت العاصي وقد شقى , يصيح فِي الْمَوْقِفِ وَاقَلَقِي , اشْتَدَّ عَطَشُهُ وَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>