للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المجلس الخامس والعشرون

في قصة مريم وعيسى عليها السَّلامُ

الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي لا شَأْنٌ يَشْغَلُهُ , وَلا نِسْيَانٌ يُذْهِلُهُ , وَلا قَاطِعٌ لِمَنْ يَصِلُهُ , ولا ناضر لِمَنْ يَخْذُلُهُ , جَلَّ عَنْ مَثَلٍ يُطَاوِلُهُ , أَوْ يشاكله , أو ند نَظِيرٍ يُقَابِلُهُ , أَوْ مُنَاظِرٍ يُقَاوِلُهُ , يُثِيبُ بِالْعَمَلِ القليل ويقبله , ويحلم عن المعاصي فَلا يُعَاجِلُهُ , وَيَدَّعِي الْكَافِرُ شَرِيكًا وَيُمْهِلُهُ , ثُمَّ إِذَا بَطَشَ هَلَكَ كِسْرَى وَصَوَاهِلُهُ , وَذَهَبَ قَيْصَرُ وَمَعَاقِلُهُ , اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَمَا الْعَرْشُ يَحْمِلُهُ , وينزل لا كالمتنقل تَخْلُو مَنَازِلُهُ , هَذِهِ جُمْلَةُ اعْتِقَادِنَا وَهَذَا حَاصِلُهُ , مَنِ ادَّعَى عَلَيْنَا التَّشْبِيهَ فَاللَّهُ يُقَابِلُهُ , مَذْهَبُنَا مَذْهَبُ أَحْمَدَ وَمَنْ كَانَ يُطَاوِلُهُ , وَطَرِيقُنَا طَرِيقُ الشافعي وقد علمت فضائله , وترفض قَوْلَ جَهْمٍ وَقَدْ عُرِفَ بَاطِلُهُ , وَنُؤَمِّلُ رُؤْيَةَ الْحَقِّ وَمَتَى خَابَ آمِلُهُ , لَقَدْ حَنَّتْ حَنَّةً إِلَى وَلَدٍ فَسَأَلَتْ مَنْ لا يُرَدُّ سَائِلُهُ , فَيَا لَهَا مِنْ مَكْفُولٍ مَا تعني كافله , فَلَمَّا بَلَغَتْ حَمَلَتْ بِمَنْ شَرُفَ حَامِلُهُ , فَعَجِبَتْ مِنْ وَلَدٍ لا مِنْ وَالِدٍ يُشَاكِلُهُ , فَقِيلَ هُزِّي إِلَيْكِ فَهَزَّتْ جِذْعًا يَابِسًا تُزَاوِلُهُ , فَأَخْرَجَ في الحال رطبا رطبا يَلْتَذُّ آكِلُهُ , فَاسْتَدَلَّتْ عَلَى تَكْوِينِ وَلَدٍ تُحْمَدُ شَمَائِلُهُ , فَالنَّصَارَى غَلَتْ وَالْيَهُودُ عَتَتْ {فَأَتَتْ بِهِ قومها تحمله} .

أَحْمَدُهُ حَمْدًا أُدِيمُهُ وَأُوصِلُهُ , وَأُصَلِّي عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ الَّذِي ارْتَجَّتْ لَيْلَةَ وِلادَتِهِ أَعَالِي الإِيوَانِ وَأَسَافِلُهُ , وَعَلَى أَبِي بَكْرٍ ثَانِيَ اثْنَيْنِ فَاعْرِفُوا مَنْ قَائِلُهُ , وَعَلَى عُمَرَ الَّذِي صَفَا الإِسْلامُ بِجِدِّهِ وَعَذُبَتْ مَنَاهِلُهُ , وَعَلَى عُثْمَانَ الَّذِي زَارَتْهُ الشَّهَادَةُ وَمَا تَعِبَتْ رَوَاحِلُهُ , وَعَلَى عَلِيٍّ بَحْرِ الْعُلُومِ فَمَا يُدْرَكُ سَاحِلُهُ , وَعَلَى الْعَبَّاسِ أَقْرَبِ الْخَلْقِ نَسَبًا فَمَنْ يُسَاجِلُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>