للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكَلامُ عَلَى الْبَسْمَلَةِ

(يَا صَاحِ إِنْ كُنْتَ لَبِيبًا حَازِمًا ... فَكُنْ لأَسْبَابِ الْهَوَى مُرَاغِمَا)

(وَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَفُوزَ فِي غَدٍ ... فَكُنْ تَقِيًّا وَاهْجُرِ الْمَحَارِمَا)

(لا تَهْوَ دُنْيَاكَ فَإِنَّ حُبَّهَا ... رَأْسُ الْخَطَايَا يُكْسِبُ الْمَآثِمَا)

(غَدَّارَةٌ فَكُلُّ مَنْ حَلَتْ لَهُ ... لا بُدَّ أَنْ تُذِيقَهُ الْعَلاقِمَا)

(وَإِنَّهَا تَخْدِمُ مَنْ أَهَانَهَا ... كَمَا تُهِينُ مَنْ أَتَاهَا خَادِمَا)

(فَكُنْ بِهَا مِثْلَ غَرِيبٍ مُصْلِحٍ ... أَزْوَادَهُ عَلَى الرَّحِيلِ عَازِمَا)

(فَإِنَّمَا عُمْرُ الْفَتَى سُوقٌ لَهُ ... يَرُوحُ عَنْهَا خَاسِرًا وَغَانِمَا)

(يَا عَجَبًا لِمَعْشَرٍ أَتَتْهُمُ ... الدُّنْيَا فَلَمْ يَبْنُوا بِهَا الْمَكَارِمَا)

(وَلا شَرَوْا مَعَ عِلْمِهِمْ زَوَالَهَا ... بِهَا جِنَانًا وَنَعِيمًا دَائِمَا)

(إِيَّاكَ وَالتَّسْوِيفَ فَالْعَاقِلُ مَنْ ... يُنْجِزُ مَا كَانَ عَلَيْهِ عَازِمَا)

(وَإِنَّمَا الْمَوْتُ مُغِيرٌ هَائِلٌ ... أَعْظِمْ بِهِ عَلَى النُّفُوسِ هَاجِمَا)

(وَالْقَبْرُ إِمَّا رَوْضَةٌ لِلْمُتَّقِي ... أَوْ حُفْرَةُ النَّارِ تُصِيبُ الظَّالِمَا)

(يَا لَهْفَتِي مِنَ اشْتِقَاقِ حُفْرَتِي ... وَمَحْشَرِي إِلَى الْحِسَابِ رَاغِمَا)

(وَمَوْقِفِي أُسْأَلُ عَمَّا قَدْ جَنَتْ ... يَدَايَ مِنْ سُوءٍ فَأَبْقَى وَاجِمَا)

(وَحِينَ يَأْتِينِي كِتَابِي فَأَرَى ... فِيهِ الَّذِي أَتَيْتُهُ مُكَاتِمَا)

(فَإِنْ يُنَاقِشْنِي فَعَبْدٌ هَالِكٌ ... وَإِنْ عَفَا نَجَوْتُ مِنْهَا سَالِمَا)

إِخْوَانِي: هَذَا شَهْرُ رَجَبٍ قَدْ رَحَلَ أَكْثَرُهُ وَبَانَ، وَنُورُ شَعْبَانَ قَدْ لاحَ وَبَانَ، وَقَدْ سَارَ إِلَى دِيَارِ الْفَوْزِ رُكْبَانٌ، وَأَقْدَمَ الشُّجَاعُ وَوَلَّى الْجَبَانُ، هَذَا الشَّهْرُ الأَصَمُّ يُؤْذِنُكُمْ بِإِقْلاعِهِ وَيُخْبِرُكُمْ بِرَحِيلِهِ وَوَدَاعِهِ، فَأَيُّكُمْ وَدَّعَهُ وَقَدْ أَوْدَعَهُ مَا يَنْفَعُهُ غَدًا، وَأَيُّكُمْ دَاوَمَ الْمَعَاصِيَ فَلَمْ يُقْلِعْ حَتَّى غَدَا، وَيْلٌ لِمَنْ ذَهَبَ عَنْهُ شَهْرُ رَجَبٍ وَانْصَرَمَ وَهُوَ فِي عِدَادِ مَنْ هَجَرَ الْهُدَى وَصَرَمَ، كَيْفَ يَرْجُو الْفَضْلَ وَالْكَرَمَ مَنِ اجْتَرَمَ وَمَا احْتَرَمَ.

أَكْثَرُ هَذَا الشَّهْرِ قَدْ مَضَى وَتَوَلَّى عَنْكُمْ معرضاً، وباقيه قد نادى للتوبة

<<  <  ج: ص:  >  >>