للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إِذَا ضَنَّ مَنْ تَرْجُو عَلَيْكَ بِنَفْعِهِ ... فَدَعْهُ فَإِنَّ الرِّزْقَ فِي الأَرْضِ وَاسِعُ)

(وَمَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا مُنَاهُ وَهَمَّهُ ... سَبَاهُ الْمُنَى وَاسْتَعْبَدَتْهُ الْمَطَامِعُ)

(وَمَنْ عَقَلَ اسْتَحْيَى وَأَكْرَمَ نَفْسَهُ ... وَمَنْ قَنَعَ اسْتَغْنَى فَهَلْ أَنْتَ قَانِعُ)

الْكَلامُ عَلَى قَوْلِهِ تعالى

{ثم إنكم بعد ذلك لميتون} يَا مَنْ هُوَ عَلَى مَحَبَّةِ الدُّنْيَا مُتَهَالِكٌ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ عَنْ قَلِيلٍ هَالِكٌ، أَمَا تَيَقَّنْتَ أَنَّ الدُّنْيَا مَحْبُوبٌ تَارِكٌ، ثُمَّ لَسْتَ لَهَا بَعْدَ الْعِلْمِ بِهَا بِتَارِكٍ، قَدِّرْ أَنَّكَ مَلَكْتَ الْمَمَالِكَ، أَمَا الأَخِيرُ سَلَبَكَ مِنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ، هَذَا حُسَامُ الْمَوْتِ مَسْلُولٌ، لَيْسَ بِكَالٍّ وَلا مَفْلُولٍ، وَكُلُّ دَمٍ أَرَاقَهُ مَطْلُولٌ، أَذَلَّ وَاللَّهِ أَصْعَبَ الْحَمْسِ وَفَتَكَ قَبْرًا بِالأَسْوَدِ الشَّمْسِ، وَفَلَّ

السَّيْفَ وَلَمْ يَفِلَّ بِالتُّرْسِ، وَسَاوَى فِي الْقَبْرِ بَيْنَ الزِّنْجِ وَالْفُرْسِ، وَأَعَادَ الْفُصَحَاءَ تَحْتَ الْبَلاءِ كَالْخُرْسِ، وَمَحَا بِالتَّرَحِ أَثَرَ الْفَرَحِ بِالْعُرْسِ:

(يَغْدُو ابْنَ آدَمَ لِلْمَعَاشِ فَيَلْقَاهُ ... الْحِمَامُ بِأَضْيَقِ الطُّرُقِ)

(لا يَبْهُجَنَّ بِمُلْكِهِ مَلِكٌ ... فَالْبَدْرُ غَايَتُهُ إِلَى الْمَحْقِ)

أَيْنَ الْوَالِدُونَ وَمَا وَلَدُوا، أَيْنَ الْجَبَّارُونَ وَأَيْنَ مَا قَصَدُوا، أَيْنَ أَرْبَابُ الْمَعَاصِي عَلَى مَاذَا وَرَدُوا، أَمَا جَنَوْا ثَمَرَاتِ مَا جَنَوْا وَحَصَدُوا، أَمَا قَدِمُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ فِي مَآلِهِمْ وَوَفَدُوا، أَمَا خَلَوْا فِي ظُلُمَاتِ الْقُبُورِ؟ بَكَوْا وَاللَّهِ وَانْفَرَدُوا، أَمَا ذَلُّوا وَقَلُّوا بَعْدَ أَنْ عَتَوْا وَمَرَدُوا، أَمَا طَلَبُوا زَادًا يَكْفِي فِي طَرِيقِهِمْ فَفَقَدُوا، أَمَا حَلَّ الْمَوْتُ فَحَلَّ عَقْدُ مَا عَقَدُوا، عَايَنُوا وَاللَّهِ كُلَّ مَا قَدَّمُوا وَوَجَدُوا، فَمِنْهُمْ أَقْوَامٌ شَقُوا وَأَقْوَامٌ سَعِدُوا:

(لا وَالِدٌ خَالِدٌ وَلا وَلَدُ ... كُلُّ جَلِيدٍ يَخُونُهُ الْجَلَدُ)

(كَأَنَّ أَهْلَ الْقُبُورِ لَمْ يَسْكُنُوا الدور ... ولم يحي مِنْهُمْ أَحَدُ)

(وَلَمْ يَكُونُوا إِلا كَهَيْئَتِهِمْ ... لَمْ يُولَدُوا قَبْلَهَا وَلَمْ يَلِدُوا)

( [يَا مَنْ نَعَى مَنْ مَضَى كَذَاكَ غَدًا ... تُنْعَى، فَبَادِرْ فَقَدْ أتاك غد] )

<<  <  ج: ص:  >  >>