للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَزَابِلِ وَيَغْسِلُهَا وَيَلْفُقُهَا فَيُقَالُ لَهُ: إِنَّكَ تَكْسِي خَيْرًا مِنْ هَذَا فَيَقُولُ: مَا ضَرَّهُمْ مَا أَصَابَهُمْ فِي الدُّنْيَا جَبَرَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ بِالْجَنَّةِ كُلَّ مُصِيبَةٍ.

وَأُتِيَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ بِسِتِّينَ أَلْفًا فَرَدَّهَا وَقَالَ: كَرِهْتُ أَنْ أَمْحُوَ اسْمِيَ مِنْ دِيوَانِ الْفُقَرَاءِ.

(رَأَتْ عُدَّتِي فَاسْتَرَاثَتْ رَحِيلِي ... سَبِيلُكَ أَنْ سِوَاهَا سَبِيلِي)

(تُرَجِّي قُفُولِي لها في الثوب ... لَعَلَّ الْمَنِيَّةَ قَبْلَ الْقُفُولِ)

(لَقَدْ قَذَفَتْ بِي صَعْبُ الْمَرَامِ ... وَاسْتَجْمَلَتْ لِي غَيْرَ الْجَمِيلِ)

(سَأَقْنِي الْعَفَافَ وَأَرْضَى الْكَفَافَ ... وَلَيْسَ غِنَى النَّفْسِ جَوْرَ الْخَلِيلِ)

(وَلا أَتَصَدَّى لِمَدْحِ الْجَوَادِ ... وَلا أَسْتَعِدُّ لِمَدْحِ الْبَخِيلِ)

(وَأَعْلَمُ أَنَّ ثِيَابَ الرَّجَاءِ ... تُحِلُّ الْعَزِيزَ مَحَلَّ الذَّلِيلِ)

(وَأَنْ لَيْسَ مُسْتَغْنِيًا بِالْكَثِيرِ ... مَنْ لَيْسَ مُسْتَغْنِيًا بِالْقَلِيلِ)

كَتَبَ حَكِيمٌ إِلَى أَخٍ لَهُ: أَمَّا بَعْدُ فَاجْعَلِ الْقُنُوعَ ذُخْرًا وَلا تَعْجَلْ عَلَى ثَمَرَةِ لَمْ تُدْرَكْ، فَإِنَّكَ تُدْرِكُهَا فِي أَوَانِهَا عَذْبَةً، وَالْمُدَبِّرُ لَكَ أَعْلَمُ بِالْوَقْتِ الَّذِي يَصْلُحُ لِمَا تُؤَمِّلُ فَثِقْ بِخِيرَتِهِ لَكَ فِي أُمُورِكَ كُلِّهَا.

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْفَقِيهُ بِسَنَدِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ بْنِ أُذَيْنَةَ قَالَ: لَمَّا أَتَى أَبِي وَجَمَاعَةٌ مِنَ الشُّعَرَاءِ هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ فَأَنْشَدُوهُ فَلَمَّا عَرَفَ أَبِي قَالَ: أَلَسْتَ الْقَائِلَ:

(لَقَدْ عَلِمْتُ وَمَا الإِسْرَافُ مِنْ خُلُقِي ... أَنَّ الَّذِي هُوَ رِزْقِي سَوْفَ يَأْتِينِي)

(أَسْعَى لَهُ فَيَعْنِينِي تَطَلُّبُهُ ... وَلَوْ قَعَدْتُ أَتَانِي لا يُعَنِّينِي)

فَهَلا جَلَسْتَ فِي بَيْتِكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ؟ فَسَكَتَ أَبِي وَلَمْ يُجِبْهُ فَلَمَّا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ جَلَسَ أَبِي عَلَى رَاحِلَتِهِ حَتَّى أَتَى الْمَدِينَةَ وَأَمَرَ هِشَامٌ بِجَوَائِزِهِمْ فَقَعَدَ أَبِي فَسَأَلَ عَنْهُ فَلَمَّا خُبِّرَ بِانْصِرَافِهِ قَالَ: لا جَرَمَ وَاللَّهِ لَيَعْلَمَنَّ أَنَّ ذَلِكَ سَيَأْتِيهِ. ثُمَّ أَضْعَفَ لَهُ مَا أَعْطَى وَاحِدًا مِنْ أَصْحَابِهِ وَكَتَبَ لَهُ فَرِيضَتَيْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>