للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المجلس العاشر

فِي قِصَّةِ لُوطٍ عَلَيْهِ السَّلامُ

الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي أَحْكَمَ الأَشْيَاءَ كُلَّهَا صُنْعًا , وَتَصَرَّفَ كَمَا شَاءَ إِعْطَاءً وَمَنْعًا , أَنْشَأَ الآدَمِيَّ مِنْ قَطْرَةٍ فَإِذَا هُوَ يَسْعَى , وَخَلَقَ لَهُ عَيْنَيْنِ لِيُبْصِرَ الْمَسْعَى , وَوَالَى لَدَيْهِ النِّعَمَ وَتْرًا وَشَفْعًا , وَضَمَّ إاليه زَوْجَةً تُدَبِّرُ أَمْرَ الْبَيْتِ وَتَرْعَى , وَأَبَاحَهُ مَحَلَّ الْحَرْثِ وَقَدْ فَهِمَ مَقْصُودَ الْمَرْعَى , فَتَعَدَّى قَوْمٌ إِلَى الْفَاحِشَةِ الشَّنْعَا , وَعَدُّوا سِتًّا سَبْعًا , فَرُجِمُوا بِالْحِجَارَةِ فَلَوْ رَأَيْتَهُمْ صَرْعَى {وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لوطاً سيء بهم وضاق بهم ذرعاً} .

أَحْمَدُهُ مَا أَرْسَلَ سَحَابًا وَأَنْبَتَ زَرْعًا , وَأُصَلِّي عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ أَفْضَلِ نَبِيٍّ عَلَّمَ أُمَّتَهُ شَرْعًا , وَعَلَى أَبِي بَكْرٍ الَّذِي كَانَتْ نَفَقَتُهُ لِلإِسْلامِ نَفْعًا وَعَلَى عُمَرَ ضَيْفِ الإِسْلامِ بِدَعْوَةِ الرَّسُولِ الْمُسْتَدْعَى وَعَلَى عُثْمَانَ الَّذِي ارْتَكَبَ مِنْهُ الْفُجَّارُ بِدَعًا , وَعَلَى عَلِيٍّ الَّذِي يُحِبُّهُ أَهْلُ السُّنَّةِ طَبْعًا , وَعَلَى الْعَبَّاسِ أَبِي الْخُلَفَاءِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ قَطْعًا.

قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذرعاً}

هو لوط بن هاران بن تارخ , هو ابْنُ أَخِي إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلامُ , وَقَدْ آمَنَ بِهِ وَهَاجَرَ مَعَهُ إِلَى الشَّامِ بَعْدَ نَجَاتِهِ مِنَ النَّارِ , وَاخْتَتَنَ لُوطٌ مَعَ إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً , فَنَزَلَ إِبْرَاهِيمُ فِلَسْطِينَ وَنَزَلَ لُوطٌ الأُرْدُنَّ.

فَأَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى لُوطًا إِلَى أَهْلِ سَدُومَ , وَكَانُوا مَعَ كُفْرِهِمْ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَرْتَكِبُونَ الْفَاحِشَةَ فَدَعَاهُمْ إِلَى عبادة الله ونهاهم عن الفاحشة. لم يزدهم ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>