للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ ".

وَكَانَ الأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ يَصُومُ حَتَّى يَصْفَرَّ وَيَخْضَرَّ , وَحَجَّ ثَمَانِينَ حِجَّةً.

وَصَامَ مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَقَامَ لَيْلَهَا , وَكَانَ يَبْكِي طُولَ اللَّيْلِ , فَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: يَا بُنَيَّ لَعَلَّكَ قَتَلْتَ قَتِيلا؟ فَيَقُولُ: أَنَا أَعْلَمُ بِمَا صَنَعَتْ نَفْسِي:

(جَنَحَتْ شمسُ حَيَاتِي ... وَتَدَلَّتْ لِلْغُرُوبِ)

(وَتَوَلَّى ليلُ رَأْسِي ... وَبَدَا فَجْرُ الْمَشِيبِ)

(ربِّ خَلِّصْنِي فَقَدْ لَجَجْتُ ... فِي بَحْرِ الذُّنُوبِ)

(وأنلني العفو يا أقرب ... رب من كل قريب)

[الكلام على قوله تعالى]

{قل انظروا ماذا في السماوات والأرض}

سُبْحَانَ مَنْ أَظْهَرَ الْعَجَائِبَ فِي مَصْنُوعَاتِهِ , وَدَلَّ على عظمته بمبتدعاته , وحث على تصفيح عِبَرِهِ وَآيَاتِهِ , وَأَظْهَرَ قُدْرَتَهُ فِي الْبِنَاءِ وَالنَّقْضِ , والهشيم والغض , {قل انظرو ماذا في السموات والأرض} .

سَعِدَ مَنْ تَدَبَّرَ , وَسَلِمَ مَنْ تَفَكَّرَ , وَفَازَ مَنْ نَظَرَ وَاسْتَعْبَرَ , وَنَجَا مِنْ بَحْرِ الْهَوَى مَنْ تَصَبَّرَ , وَهَلَكَ كُلَّ الْهَلاكِ وَأَدْبَرَ , مَنْ نَسِيَ الْمَوْتَ مَعَ الشَّعْرِ الْمُبْيَضِّ {قُلِ انْظُرُوا ماذا في السماوات والأرض} .

يَا أَرْبَابَ الْغَفْلَةِ اذْكُرُوا , يَا أَهْلَ الإِعْرَاضِ احْضُرُوا , يَا غَافِلِينَ عَنِ الْمُنْعِمِ اشْكُرُوا , يَا أَهْلَ الْهَوَى خَلُّوا الْهَوَى وَاصْبِرُوا , فَالدُّنْيَا قَنْطَرَةٌ فَجُوزُوا وَاعْبُرُوا , وَتَأَمَّلُوا هِلالَ الْهُدَى فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا , فَقَدْ نَادَى مُنَادِي الصَّلاحِ حَيَّ عَلَى الْفَلاحِ , فَأَسْمَعَ أَهْلَ الطُّولِ وَالْعَرْضِ {قُلِ انظروا ماذا في السماوات والأرض} .

<<  <  ج: ص:  >  >>