للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَجْعٌ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى

{لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لغوا ولا تأثيما} أَعْرَضُوا فِي الدُّنْيَا عَنِ اللَّغْوِ , وَتَرَكُوا رَائِقَ الشَّهَوَاتِ وَاللَّهْوِ , وَآثَرُوا الذُّلَّ عَلَى الْغِنَى وَالزَّهْوِ , وَتَيَقَّظُوا لِلأَوَامِرِ مُعْرِضِينَ عَنِ السَّهْوِ , فَأَسْكَنَهُمْ فِي جَنَّتِهِ يَوْمَ زِيَارَتِهِ حَرِيمًا {لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لغوا ولا تأثيما} .

أَجْزَلْنَا لَهُمُ الثَّوَابَ , وَسَمَّيْنَاهُمْ بِالأَحْبَابِ , وَأَمَّنَاهُمْ مِنَ الْعَذَابِ , وَاصْطَفَيْنَاهُمْ لِلْمُخَاطَبَةِ وَالْجَوَابِ , وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ من كل باب , بِبِشَارَاتٍ تُوجِبُ تَقْدِيمًا {لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا ولا تأثيما} .

تَبْدَؤُهُمْ بِالسَّلامِ , وَتَخُصُّهُمْ بِالتَّحَايَا وَالإِعْظَامِ , وَتَأْتِيهِمْ بِأَنْوَاعِ التُّحَفِ وَالإِكْرَامِ , وَتُبَشِّرُهُمْ بِالْخُلُودِ فِي دَارِ السَّلامِ , وَقَدْ أَمِنُوا أَنْ يَسْمَعُوا مِنَ اللَّغْوِ كَلامًا إلا قليلاً سلاماً سلاما.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ} فِي أَصْحَابِ الْيَمِينِ سَبْعَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُمُ الَّذِينَ كَانُوا عَلَى يَمِينِ آدَمَ حِينَ خَرَجَتْ ذُرِّيَّتُهُ مِنْ صُلْبِهِ. قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَالثَّانِي: أَنَّهُمُ الَّذِينَ يُعْطَوْنَ كُتُبَهُمْ بِأَيْمَانِهِمْ. قَالَهُ الضَّحَّاكُ وَالْقُرَظِيُّ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُمْ كَانُوا مَيَامِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ مُبَارَكِينَ. قَالَهُ الْحَسَنُ وَالرَّبِيعُ. وَالرَّابِعُ: أَنَّهُمُ الَّذِينَ أُخِذُوا مِنْ شِقِّ آدَمَ الأَيْمَنِ. قَالَهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ. وَالْخَامِسُ: أَنَّهُمُ الَّذِينَ مَنْزِلَتُهُمْ عَنِ اليمين. قاله ميمون ابن مِهْرَانَ. وَالسَّادِسُ: أَنَّهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ. قَالَهُ السُّدِّيُّ. وَالسَّابِعُ: أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْمَنْزِلَةِ الرَّفِيعَةِ. قَالَهُ الزَّجَّاجُ.

وقوله: {ما أصحاب اليمين} تَعْظِيمٌ لِشَأْنِهِمْ. تَقُولُ: زِيدَ مَا زِيدَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>