المجلس الثالث والعشرون
فِي قِصَّةِ يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلامُ
الْحَمْدُ للَّهِ الْوَاحِدِ الْمَاجِدِ الْعَظِيمِ , الدَّائِمِ الْعَالِمِ الْقَائِمِ الْقَدِيمِ , الْقَدِيرِ الْبَصِيرِ النَّصِيرِ الْحَلِيمِ , الْقَوِيِّ الْعَلِيِّ الْغَنِيِّ الْحَكِيمِ , قَضَى فَأَسْقَمَ الصَّحِيحَ وَعَافَى السَّقِيمَ , وَقَدَرَ فأعان الضعيف وأوهى القويم , وَقَسَمَ عِبَادَهُ قِسْمَيْنِ طَائِعٌ وَأَثِيمٌ , وَجَعَلَ مَآلَهُمْ إِلَى دَارَيْنِ دَارِ النَّعِيمِ وَدَارِ الْجَحِيمِ , فَمِنْهُمْ مَنْ عَصَمَهُ مِنَ الْخَطَايَا كَأَنَّهُ فِي حَريِمٍ , ومنهم مَنْ قَضَى لَهُ أَنْ يَبْقَى عَلَى الذُّنُوبِ وَيُقِيمَ , وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَرَدَّدُ بَيْنَ الأَمْرَيْنِ وَالْعَمَلُ بِالْخَوَاتِيمِ , خَرَجَ مُوسَى رَاعِيًا وَهُوَ الْكَلِيمُ , وَذَهَبَ ذو النون مغاضباً فالتقمه الحوت وهو مليم , وَكَانَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتِيمًا فَكَانَ الْكَوْنُ لِذَلِكَ الْيَتِيمِ , وَعَصَى آدَمُ وَإِبْلِيسُ فَهَذَا مَرْحُومٌ وَهَذَا رَجِيمٌ , فَإِذَا سَمِعْتَ بِنَيْلِ الْمَمَالِكِ أَوْ رَأَيْتَ وُقُوعَ الْمَهَالِكِ فَقُلْ: {ذَلِكَ تقدير العزيز العليم} أَنْعَمَ عَلَيْنَا بِالْفَضْلِ الْوَافِرِ الْعَمِيمِ , وَهَدَانَا بِمَنِّهِ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ , وَحَذَّرَنَا بِلُطْفِهِ مِنَ الْعَذَابِ الأَلِيمِ , وَمَنَّ عَلَيْنَا بِالْكِتَابِ الْعَزِيزِ الْقَدِيمِ , فَهُوَ مُسْتَحِقٌّ الْحَمْدَ وَمُسْتَوْجِبٌ التَّعْظِيمَ , أَحْمَدُهُ وَكَيْفَ لا يُحْمَدُ , وَأَشْهَدُ أَنَّهُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ , وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ الأَمْجَدُ وَرَسُولُهُ الأَوْحَدُ , أَخَذَ لَهُ الْمِيثَاقَ عَلَى أَقْرَبِ الأَنْبِيَاءِ وَالأَبْعَدِ , وَأَقَامَ عِيسَى يَقُولُ: {وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسمه أحمد} وَتَوَسَّلَ بِهِ آدَمُ وَقَدْ أَسْجَدَ لَهُ مَنْ أَسْجَدَ مِنْ مَلَكٍ كَرِيمٍ , صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا سَلَكَ الطَّرِيقَ الْقَوِيمَ , وَعَلَى صَاحِبِهِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ السَّابِقِ إِلَى الإِيمَانِ وَالتَّصْدِيقِ , المحب الشفيق
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute