للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المجلس الثالث عشر

فِي قِصَّةِ أَيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلامُ

الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي ابْتَعَثَ بِلُطْفِهِ السَّحَابَ , فَرَوَّى الأَوْدِيَةَ وَالْهِضَابَ , وَأَنْبَتَ الْحَدَائِقَ وَأَخْرَجَ الأَعْنَابَ , وَأَلْبَسَ الأَرْضَ نَبَاتًا أَحْسَنَ مِنْ ثِيَابِ الْعُنَابِ , يَبْتَلِي لِيُدْعَى وَإِذَا دُعِيَ أَجَابَ , قَضَى عَلَى آدَمَ بِالذَّنْبِ ثُمَّ قضى أن تاب , ورفع إدريس بلطفه إِلَى أَكْرَمِ جَنَابٍ , وَأَرْسَلَ الطُّوفَانَ وَكَانَتِ السَّفِينَةُ مِنَ الْعُجَابِ , وَنَجَّى الْخَلِيلَ مِنْ نَارٍ شَدِيدَةِ الإلتهاب , وكان سَلامَةُ يُوسُفَ عِبْرَةً لأُولِي الأَلْبَابِ , وَشَدَّدَ الْبَلاءَ عَلَى أَيُّوبَ فَفَارَقَهُ الأَهْلُ وَالأَصْحَابُ , وَعَضَّهُ الْبَلاءُ إلى أن كل الظُّفْرَ وَالنَّابَ , فَنَادَى مُسْتَغِيثًا بِالْمَوْلَى فَجَاءَ الْجَوَابُ {اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب} .

أَحْمَدُهُ حَمْدَ مَنْ أَخْلَصَ وَأَنَابَ , وَأُصَلِّي عَلَى رَسُولِهِ أَفْضَلِ نَبِيٍّ نَزَلَ عَلَيْهِ أَفْضَلُ كِتَابٍ , وعلى صاحبه أبي بكر مقدم الأصحاب , وَعَلَى الْفَارُوقِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , وَعَلَى عُثْمَانَ شَهِيدِ الدَّارِ وَقَتِيلِ الْمِحْرَابِ , وَعَلَى عَلِيٍّ الْمَهِيبِ وَمَا سَلَّ سَيْفًا بَعْدُ مِنْ قِرَابٍ، وَعَلَى عَمِّهِ الْعَبَّاسِ الْمُقَدَّمِ نَسَبُهُ عَلَى الأَنْسَابِ.

قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نادى ربه أني مسني الشيطان بنضب وعذاب} أَيُّوبُ اسْمٌ أَعْجَمِيٌّ , وَهُوَ أَيُّوبُ بْنُ أموصَ بن رزاح بن العيص ابن إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ. وَأَبُوهُ مِمَّنْ آمَنَ بِالْخَلِيلِ يَوْمَ أُحْرِقَ , وَأُمُّهُ بِنْتُ لُوطٍ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلامُ. وَكَانَ أَيُّوبُ فِي زَمَنِ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلامُ , فَتَزَوَّجَ ابْنَةَ يَعْقُوبَ وَكَانَ غَزِيرَ الْمَالِ كَثِيرَ الضِّيَافَةِ , وَكَانَ إِبْلِيسُ لا يُحْجَبُ يَوْمَئِذٍ من

<<  <  ج: ص:  >  >>