للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المجلس الرابع والعشرون

فِي قِصَّةِ زَكَرِيَّا وَيَحْيَى عَلَيْهِمَا السَّلامُ

الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي لَمْ يَزَلْ عَظِيمًا عَلِيًّا , يَخْذِلُ عَدُوًّا وَيَنْصُرُ وَلِيًّا , أَنْشَأَ الآدَمِيُّ خَلْقًا سَوِيًّا , ثُمَّ قَسَمَهُمْ قِسْمَيْنِ رَشِيدًا وَغَوِيًّا , رَفَعَ السَّمَاءَ سَقْفًا مَبْنِيًّا , وَسَطَحَ الْمِهَادَ بِسَاطًا مَدْحِيًّا , وَرَزَقَ الخلائق بحرياً وبرياً , كم أجرى لعباده سرياً أَخْرَجَ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا , كَمْ أَعْطَى ضَعِيفًا مَا لَمْ يُعْطِ قَوِيًّا , فَبَلَغَهُ عَلَى الضَّعْفِ ضِعْفُ الْمُرَادِ وَوَهَبَ لَهُ عَلَى الْكِبَرِ الأَوْلادَ {كهيعص ذكر رحمة ربك عبده زكريا} .

أَحْمَدُهُ إِذْ فَضَّلَ وَأَعْطَى شِبْعًا وَرِيًّا , وَأُصَلِّي عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ أَفْضَلِ مَنِ امْتَطَى تبريا , وَعَلَى أَبِي بَكْرٍ الَّذِي أَنْفَقَ وَما قَلَّلَ حَتَّى تَخَلَّلَ وَيَكْفِي زِيًّا , وَعَلَى عُمَرَ الَّذِي كَانَ مُقَدَّمًا فِي الْجِدِّ جَرِيًّا , وَعَلَى عُثْمَانَ الَّذِي لَمْ يَزَلْ عَفِيفًا حَيِيًّا , وَعَلَى عَلِيٍّ أَشْجَعِ مَنْ حَمَلَ خَطِّيًّا , وَعَلَى عَمِّهِ الْعَبَّاسِ المستسقى بشيبته , فانتقعت الأرض ريا.

قال الله تعالى: {كهيعص} لِلْعُلَمَاءِ فِي تَفْسِيرِهَا قَوْلانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مِنَ الْمُتَشَابِهِ الَّذِي انْفَرَدَ اللَّهُ تَعَالَى بِعِلْمِهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهَا حُرُوفٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , فَالْكَافُ مِنَ الْكَافِي , وَالْهَاءُ مِنَ الْهَادِي , وَالْيَاءُ مِنْ حَكِيمٍ وَالْعَيْنُ مِنْ عَلِيمٍ وَالصَّادُ مِنْ صادق.

قوله تعالى: {ذكر رحمة ربك} الْمَعْنَى: هَذَا الَّذِي نَتْلُو عَلَيْكَ ذِكْرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>