للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ حَبِيبٌ الْعَجَمِيُّ إِذَا أَصْبَحَ بَكَى، وَإِذَا أَمْسَى بَكَى فَسُئِلَتْ زَوْجَتُهُ عَنْ بُكَائِهِ، فَقَالَتْ: يَخَافُ وَاللَّهِ إِذَا أَمْسَى أَنْ لا يُصْبِحَ وَإِذَا أَصْبَحَ أَنْ لا يُمْسِيَ، يَقُولُ لِي: إِنْ مِتُّ فَافْعَلِي كَذَا وَاصْنَعِي كَذَا.

وَكَانَ شُمَيْطُ بْنُ عَجْلانَ يَقُولُ: أَيُّهَا الْمُغْتَرُّ بِصِحَّتِهِ أَمَا رَأَيْتَ مَيِّتًا مِنْ غَيْرِ سُقْمٍ أَيُّهَا الْمُغْتَرُّ بِطُولِ الْمُهْلَةِ أَمَا رَأَيْتَ مَأْخُوذًا مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ؟!

كَانَ شَيْخٌ مُتَعَبِّدٌ فِي تَيْمِ اللَّهِ يَجْتَمِعُ إِلَيْهِ فِتْيَانُ الْحَيِّ فَيَعِظُهُمْ فَإِذَا أَرَادُوا أَنْ يَتَفَرَّقُوا قَالَ: يَا إِخْوَتَاهْ قُومُوا قِيَامَ قَوْمٍ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْمُعَاوَدَةِ لِمَجْلِسِهِمْ خَوْفًا مِنْ وَرَطَاتِ الذُّنُوبِ وَخَوْفًا مِنْ خَطَفَاتِ الْمُوَكَّلِ بِالنُّفُوسِ فَيَبْكِي. وَيُبْكِي.

وَكَانَ يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ يَقُولُ: إِلَى مَتَى تَقُولُ غَدًا أَفْعَلُ كَذَا وَبَعْدَ غَدٍ أَفْعَلُ كَذَا أَغَفَلْتَ سَفَرَكَ الْبَعِيدَ وَنَسِيتَ الْمَوْتَ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ دُونَ غَدٍ ليلة تحترم فِيهَا أَنْفُسٌ، أَمَا رَأَيْتَ صَرِيعًا بَيْنَ أَحْبَابِهِ لا يَقْدِرُ عَلَى رَدِّ جَوَابِهِمْ؟!

(مَضَى أُنَاسٌ وأصبحنا على ثقة ... أنا سنتبع بالأشجان تعتلج)

(إِنْ أَدَلْجُوا وَتَخَّلْفَنَا وَرَاءَهُمُ ... وَمَا نَسِيرُ فَإِنَّا سَوْفُ نُدَّلَجُ)

الْكَلامُ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى

{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمنوا وعملوا الصالحات} قَامَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ لَيْلَةً إِلَى الصَّبَاحِ بِهَذِهِ الآيَةِ وَكَذَلِكَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ قَامَ بِهَا لَيْلَةً لَمْ يَزِدْ.

قَالَ الْحَسَنُ: لا يَجْعَلُ اللَّهُ عَبْدًا أَسْرَعَ إِلَيْهِ كَعَبْدٍ أَبْطَأَ عَنْهُ.

وَقَالَ شُمَيْطُ بْنُ عَجْلانَ: النَّاسُ ثَلاثَةٌ: فَرَجُلٌ ابْتَكَرَ الْخَيْرَ فِي حَدَاثَةِ سِنِّهِ ثُمَّ دَاوَمَ عليه حتى خرج من الدنيا فهذا الْمُقَرَّبُ. وَرَجُلٌ ابْتَكَرَ عُمْرَهُ بِالذُّنُوبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>