وَالْعِشْرُونَ إِلَيْهِنَّ بِشَيْءٍ فِي الْحُسْنِ وَالْجَمَالِ فَقُلْتُ: فِيكُنَّ الْعَيْنَاءُ؟ قُلْنَ: لا نَحْنُ مِنْ خَدَمِهَا وَهِيَ أَمَامَكَ. فَانْطَلَقْتُ فَإِذَا أَنَا بِيَاقُوتَةٍ مُجَوَّفَةٍ فِيهَا سَرِيرٌ عَلَيْهَا امْرَأَةٌ قَدْ فَضَلَتِ السَّرِيرُ قُلْتُ: أَنْتِ الْعَيْنَاءُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ مَرْحَبًا فَذَهَبْتُ أَضَعُ يَدِي عَلَيْهَا فَقَالَتْ: مَهْ إِنَّ فِيكَ شَيْئًا مِنَ الرُّوحِ بَعْدُ، وَلَكِنَّ فِطْرَكَ عِنْدَنَا اللَّيْلَةَ.
قَالَ: فَمَا فَرَغَ الرَّجُلُ مِنْ حَدِيثِهِ حَتَّى نَادَى مُنَادٍ: يَا خَيْلَ اللَّهِ ارْكَبِي وَأَبْشِرِي بِالْجَنَّةِ. قَالَ: فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَى الرَّجُلِ وَأَنْظُرُ إِلَى الشَّمْسِ وَنَحْنُ مُصَافُّونَ الْعَدُوَّ، وَأَذْكُرُ حَدِيثَهُ فَمَا أَدْرِي أَيَّهُمَا رَأَيْتُهُ بُدِرَ أَوَّلُ؟ هُوَ أَوِ الشَّمْسُ سَقَطَتْ أَوَّلُ؟
فَقَالَ أَنَسٌ: رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
(
سَجْعٌ)
يَا هَذَا لَقَدْ بَلَغَ الْقَوْمُ الآمَالَ، وَنَالُوا مُلْكًا عَظِيمًا لا يُزَالُ، فَأَيْنَ ذَاكَ التَّعَبُ وَتِلْكَ الأَثْقَالُ، وَبِقَي الْمَدْحُ وَالتَّرَحُ زَالَ، {هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلالٍ} .
طالموا نَصَبُوا فِي خِدْمَةِ ذِي الْجَلالِ، فَشَغَلَتْهُمْ عَنِ اللَّذَّاتِ أَشْغَالٌ، وَأَزْعَجَتْهُمْ عَنِ الشَّهَوَاتِ أَوْجَالٌ، وَقَلَّقَهُمُ الْمَوْتُ إِذَا خَطَرَ بِالْقَلْبِ وَجَالَ، فَإِذَا وَرَدُوا تلقوا بالنوال، {هم وأزواجهم في ظلال} .
بَالَغَ الْقَوْمُ فِي التَّحْقِيقِ، وَأَخَذُوا بِالأَمْرِ الْوَثِيقِ، وَأَنْذَرَهُمُ الْمَوْتُ فَمَا أَبْلَغَهُمُ الرَّفِيقُ فَجَدُّوا حَتَّى خَرَجُوا مِنَ الْمَضِيقِ، فَأَمَّا الْبَطَّالُ فَإِنَّهُ لَمَّا تَلَمَّحَ الطَّرِيقَ، رَآهُ قَدْ طَالَ.
صَامَ الْقَوْمُ عَنِ الشَّهَوَاتِ، وَقَامُوا للَّهِ فِي الْخَلَوَاتِ، وَحَبَسُوا الأَلْسُنَ عَنْ فُضُولِ الْكَلِمَاتِ، وَتَرَكُوا فِي الْجُمْلَةِ جُمْلَةَ اللَّذَّاتِ، فَانْقَضَى رَمَضَانُ صَوْمِهِمْ، وَجَاءَ شَوَّالُ، {هم وأزواجهم في ظلال} .
كَمْ بَيَنْكَ وَبَيْنَهُمْ، أَسْخَنَ الشَّرُّ عَيْنَكَ وَأَقَرَّ الْخَيْرُ أَعْيُنَهُمْ، نَالُوا الْحَظَّ وَنِلْتَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute