المجلس التاسع
فِي ذِكْرِ عِيدِ الْفِطْرِ
الْحَمْدُ للَّهِ مُوَفِّرِ الثَّوَابِ لِلأَحْبَابِ وَمُكْمِلِ الأَجْرِ، وَبَاعِثِ ظَلامِ اللَّيْلِ يَنْسَخُهُ نُورُ الْفَجْرِ، الْمُحِيطِ عِلْمًا بِخَائِنَةِ الأَعْيُنِ وَخَافِيَةِ الصَّدْرِ، وَمُعَلِّمِ الإِنْسَانِ مَا لَمْ يَعْلَمْ به ولم يدر، المتعلي عَنْ دَرَكِ خَوَاطِرِ النَّفْسِ وَهَوَاجِسِ الْفِكْرِ، الْمُوَالِي رِزْقَهُ فَلَمْ يَنْسَ النَّمْلَ فِي الرَّمْلِ وَالْفَرْخَ فِي الْوَكْرِ، جَلَّ أَنْ تَنَالَهُ أَيْدِي الْحَوَادِثِ عَلَى مُرُورِ الدَّهْرِ، وَتَقَدَّسَ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ باطن السر وظاهر الجهر، مننه تيجان الرؤوس وَقَلائِدُ النَّحْرِ {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ والبحر} أَحْصَى عَدَدَ الرَّمْلِ فِي الْفَيَافِي وَالنَّمْلَ فِي الْقَفْرِ، وَشَاءَ فَأَجْرَى كَمَا شَاءَ تَقْدِيرَ الإِيمَانِ والكفر، أغنى وأفقر فبإرادته وُقُوعُ الْغِنَاءِ وَالْفَقْرِ، وَأَصَمَّ وَأَسْمَعَ فَبِمَشِيئَتِهِ أَدْرَكَ السَّمْعَ وَمُنِعَ الْوَقْرُ، أَبْصَرَ فَلَمْ يَخْفَ عَلَيْهِ دَبِيبُ الذَّرِّ فِي الْبَرِّ، وَسَمِعَ فَلَمْ يَعْزُبْ عَنْ سَمْعِهِ دُعَاءُ الْمُضْطَرِّ فِي السِّرِّ، وَقَدَرَ فَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى مُعِينٍ يَمُدُّهُ بِالنَّصْرِ، وَأَجْرَى الأَقْدَارَ كَمَا شَاءَ فِي سَاعَاتِ الْعَصْرِ، فَهُوَ الَّذِي هَدَانَا إِلَيْهِ بِوَاضِحِ الدَّلِيلِ وَسَلِيمِ السِّرِّ، وَخَصَّنَا مِنْ بَيْنِ الأُمَمِ بِشَهْرِ الصِّيَامِ وَالصَّبْرِ، وَغَسَلَ بِهِ ذُنُوبَ الصَّائِمِينَ كَغَسْلِ الثَّوْبِ بِمَاءِ القطر، فله الحمد إذ رَزَقَنَا إِتْمَامَهُ وَأَرَانَا عِيدَ الْفِطْرِ.
أَحْمَدُهُ حَمْدًا لا مُنْتَهَى لِعَدَدِهِ وَأَشْهَدُ بِتَوْحِيدِهِ شَهَادَةَ مُخْلِصٍ فِي مُعْتَقَدِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الذي نبع الماء مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ يَدِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى صَاحِبِهِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَفِيقِهِ فِي شَدَائِدِهِ، وَعَلَى عُمَرَ كَهْفِ الإِسْلامِ وَعَضُدِهِ، وَعَلَى عُثْمَانَ جَامِعِ الْقُرْآنِ فسقيا لِمُتَبَدِّدِهِ، وَعَلَى عَلِيٍّ كافي الحروب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute