للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَصْبَحْتَ تَرْجُو غَدًا يَأْتِي وَبَعْدَ غَدٍ ... وَرُبَّ ذِي أَمَلٍ قَدْ خَانَهُ الأَمَلُ)

(هَذَا شَبَابُكَ قَدْ وَلَّتْ بَشَاشَتُهُ ... مَا بَعْدَ شَيْبِكَ لا لَهْوٌ وَلا جَدَلُ)

(مَاذَا التَّعَلُّلُ بِالدُّنْيَا وَقَدْ نَشَرَتْ ... لأَهْلِهَا صِحَّةً فِي طَيِّهَا عِلَلُ)

الْكَلامُ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى

{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ ربكم}

لَقَدْ دَعَاكُمْ إِلَى الْبِدَارِ مَوْلاكُمْ , وَفَتَحَ بَابَ الإِجَابَةِ ثُمَّ اسْتَدْعَاكُمْ , وَدَلَّكُمْ عَلَى مَنَافِعِكُمْ وَهُدَاكُمْ , فَالْتَفِتُوا عَنِ الْهَوَى فَقَدْ آذَاكُمْ , وَحُثُّوا حَزْمَ جَزْمِكُمْ , وَصُبُّوا ذُنُوبَ الْحُزْنِ عَلَى ذَنْبِكُمْ , وَسَارِعُوا إلى مغفرة من ربكم.

بَابُهُ مَفْتُوحٌ لِلطَّالِبِينَ , وَجَنَابُهُ مَبْذُولٌ لِلرَّاغِبِينَ؛ وَفَضْلُهُ يُنَادِي: يَا غَافِلِينَ، وَإِحْسَانُهُ يُنَادِي الْجَاهِلِينَ , فَاخْرُجُوا مِنْ دَائِرَةِ الْمُذْنِبِينَ , وَبَادِرُوا مُبَادَرَةَ التَّائِبِينَ , وَتَعَرَّضُوا لِنَسَمَاتِ الرَّحْمَةِ تَخَلَّصُوا مِنْ كَرْبِكُمْ , وَسَارِعُوا إِلَى مغفرة من ربكم.

كَمْ شُغِلْتُمْ بِالْمَعَاصِي فَذَهَبَ الْفَرْضُ , وَبَارَزْتُمْ بِالْخَطَايَا وَنَسِيتُمُ الْعَرْضَ , وَأَعْرَضْتُمْ عَنِ النَّذِيرِ وَهُوَ الشَّعْرُ الْمُبْيَضُّ , وَحَضَّكُمْ عَلَى اكْتِسَابِ حَظِّكُمْ فَمَا نَفَعَ الْحَضُّ , وَطَالَتْ آمَالُكُمْ بَعْدَ أَنْ ذَهَبَ الشَّبَابُ الْغَضُّ , وَرَأَيْتُمْ سَلْبَ الْقُرَنَاءِ وَلَقَدْ أُنْذِرَ الْبَعْضُ بِالْبَعْضِ , فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ مِنْ سِجْنِ الْهَوَى فَقَدْ ضَاقَ طُولُهُ وَالْعَرْضُ , وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض.

رَوَى مُسْلِمٌ فِي أَفْرَادِهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ إِلَى بَدْرٍ حَتَّى سَبَقُوا الْمُشْرِكِينَ , وَجَاءَ الْمُشْرِكُونَ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ.

قَالَ: يَقُولُ عُمَيْرُ بْنُ الحمَامِ الأَنْصَارِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ؟! قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: بَخٍ بَخٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ: مَا يَحْمِلُكَ عَلَى قَوْلِكَ بَخٍ بَخٍ؟ قَالَ [لا] وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلا رَجَاءَ أَنْ أَكُونَ مِنْ أهلها , قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>